بـ #فن_يمني_عن_بُعد يقاومون كورونا

ارتفعت ساعات استهلاك الإنترنت وعدد مستخدميه وزاد الارتباط بتطبيقات السوشيال ميديا، نظرًا لتحول معظم الأشغال للتنفيذ من المنازل بسبب الحجر المنزلي: الحكومات تعقد اجتماعاتها إلكترونيًا، ومؤتمرات لقادة العالم،المنظمات ومراكز التدريب، المدارس والجامعات وكل أنواع التعليم تحول “عن بعد”.

لم يكن الفن بعيدًا عن هذا التحول فقام فنانون وراقصات بتقديم فنهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات اليوتيوب لمتابعيهم ولكافة جمهور المتصفحين، مساهمة منهم في تشجيع الإلتزام بالحجر المنزلي ومشاركتهم بالتخفيف منه وفي ذات الوقت الترويج لفنهم على المستوى الفردي والجماعي.

عن بُعد

عدد من الفنانين اليمنيين الشباب أيضًا اقتحموا هذا العالم باستخدام هذه التقنيات، و قاموا بتقديم أعمال فردية على قنواتهم الخاصة أو صفحته على الفيس بوك وتويتر أو تطبيق انستجرام وغيره، ليخرجوا لنا مؤخرًا بعمل فني لافت يحمل وسم ( #فن_يمني_عن_بعد ) قدموا  فيه عدد من الأغاني اليمينة باصوات من الجنسين تصدرتها أغنية (حوى الغنج) من التراث الصنعاني.

يقول عازف التقسيم  بالفرقة هيثم الحضرمي لـ البوابة اليمنية للصحافة الإنسانية – أنسم: “فكرة هذا العمل كانت للملحن عبدالله آل سهل وهي ستستمر حاليًا وهناك أفكار نسعى لتطويرها مستقبلًا”.

 

وأوضح العازف الشاب لـ أنسم أن كل فنان – سواءً مغني أو عازف – قام بتسجيل فقرته الغنائية في استوديو متخصص ثم تم الإرسال لمهندس الصوت محمد الحميري الذي قام بالمكساج وتسليم العمل للمايسترو عبدالله آل سهل، “تم التصوير كلٌ بمفرده ومن ثم دمج الصوت المسجل مسبقًا والممكسج مع الصور الفردية كلٌ من مدينته، في اليمن أو خارجها”.

بعد العمل الفني “حوى الغنج” ونشره على السوشيال ميديا تم انزال عملًا آخر ضم “ميدلي” لخمس من الفنانات الشابات يؤدين مقاطع من أغاني الفنان محمد سعد عبدالله -وهو نفسه الفنان الذي اشتهرت بصوته اغنية حوى الغنج ومرت الذكرى 18 لوفاته قبل أيام – بينما ضم العمل الثالث الذي نزل مساء الأحد أغنية الفنان فيصل علوي “يافاتن جمالك”، ونوه الحضرمي أن الأصوات لن تتكرر بأي فيديو “بهدف مشاركة أكبر عدد من الفنانين والفنانات الشباب”.

 

وأضح العازف الشاب أن اللجوء للتكنولوجيا ليس بالجديد “فالفنانون الكبار والمشهورون يقومون بإنجاز أعمالهم بذات الطريقة بالاستفادة من التقنيات الحديثة والتطور التكنولوجي وإقبال الناس على الإنترنت، حيث يكون الفنان ببلد والعازف ببلد ثاني والمهندس بثالث”.

“على المتضررين من إغلاق المسارح والحفلات أن يعوضوا كل ذلك باللجوء السوشيال ميديا” قال الحضرمي.

 ليست سهلة

تتمتع الأغنية اليمنية بمزايا عديدة ولا تزال محتفظة بخصوصيتها وحضورها كرافد أصيل للأغنية في الجزيرة العربية والخليج لكنها لا تجد اهتمامًا اعلاميًا أو على مستوى البحث الموسيقي بشكل كاف بحيث تجد حظها في التوثيق والظهور بشكل يليق بها، رغم أن السوشيال ميديا ساهمت في توثيق وتقديم الأغنية اليمنية بشكل كبير لكنها ماتزال رهينة للسطو والإهمال الرسمي.

عصام خليدي
 

يقول الفنان عصام خليدي لـ أنسم: “الغناء اليمني له ملامحه ومعالمه وهويته وجذوره الضاربة منذ أزمنة سحيقة في أعماق التاريخ مرتبطة بطقوس زراعية وأمطار وجني وحصاد، أصولها طبيعة الأرض اليمنية الثرية الباذخة”.

وحول تجربة الموسيقيين الشباب #فن_يمني_عن_بعد أشاد الفنان عصام خليدي بهذه التجربة وقال لـ أنسم: “أنا قناعاتي الشخصية دائماً مع الشباب وفي صفهم، بشرط أن يستمروا تحت مرجعية فنية لها خبرة في مجال أصول ومعارف الغناء والموسيقى اليمنية وخصوصيتها وإظهار ملامحها بشكل منهجي وعلمي تفاديًا للتشويه والإضافات التي لا تخدم تاريخنا الغنائي القديم والمعاصر المشهود له بالتميز.. المسألة ليست سهلة أنه تاريخ وذاكرة أمة”.

وعن رأيه في العملين الأول “حوى الغنج” و “ميدلي محمد سعد عبدالله” قال خليدي لـ أنسم: “كان أداء الشباب في (حوى الغنج) جميل ومشبع بالروح والإحساس الذي يستند عليه الموشح اليمني الصنعاني مع سلامة مخارج الألفاظ وإجادة التعامل مع التنويع اللحني والإيقاعي”. 

 

ميدلي نسائي

إفراد فيديو لأصوات نسائية شابة نقطة تحسب في رصيد آل سهل ومبادرته الموسيقية، وتعبر عن حس الفنان الشامل الذي يحمل رؤية عريضة وواسعة للفن اليمني،فبعد فجوة كبيرة وإنقطاع لفنانات كثر أتى فيديو “ميدلي” أغاني للفنان محمد سعد عبدالله ليذكر السامع بالأصوات النسائية وإظهار الكم الشاب الذي تزخر به الساحة.

ويظهر العمل تباينًا في أداء الشابات وكعادة أي عمل لا يخلو من إشادة ونقد، يرى “خليدي” أنهن يمتلكن “أصواتا عذبة”، لكن “اللهجة العدنية ومخارج الألفاظ بشكل سليم كانت بحاجة لتوجيه ولفت عنايتهم بخصوصية كل لهجة في اليمن وأتقانها ليستقيم جمال اللحن وعذوبة المعنى وسلامة المبنى”.

جميل العاقل

من جانبه عبر الناقد الفني جميل العاقل – عضو فرقة الإنشاد الوطنية بعدن سابقا- عن إعجابه بهن وقال لـ أنسم: “الأصوات جميلة ورائعة ومتباينة في الأداء وتبشر بمستقبل طيب للأغنية اليمنية”، مستدركًا: “ولكن لابد من  التركيز على الإلتزام بالأداء والابتعاد عن السلطنة الزائدة والإضافات اللحنية التي لا تخدم تأريخ الأغنية اليمنية القديمة والحديثة والمشهود له بالتميّز والريادة.. كما أن الحرص على إعطاء اللحن حقه و الحفاظ على اللكنة واللهجة الأصلية للأغنية واجبة.. وهذا يظهر بشكل واضح في العمل الذي قدمته الفنانات الرائعات”.

وأضاف العاقل: ” الفنانات بحاجة إلى التبني والتلقين الجيد من فنان متمرّس وإلى الإستماع المتكرر لأي عمل يقدمْنّ عليه في المستقبل للتعرف على الطريقة التي يُغَنَى به اللحن الأصلي لأي أغنية كانت صنعانية أو عدنية أو لحجيه أو حضرمية أو من تعز أو من غيرها، كما أن وجود الفنان الفاهم إلى جانبهم مهم وسيساعدهم كثيرًا لإبراز قدرات كل فنانة منهم لتشق طريقها نحو الأفضل”.

وختم تعليقه بتقديم ملاحظات فردية للفنانات الشابات: ” الفنانة شيماء صوتها حلو و لكن الطبقة كانت واطية عليها ولم تناسبها وكان يفترض أن يغيروا لها المقطع، إلى جانب طريقتها في الأداء (اللهجة) كان يفترض إتقانها أكثر، عموماً جميعهن أصوات جميلة، والمغنية نورهان صوتها .