الملالاة.. موال تعز الأشهر

المدنية أونلاين ـ متابعات :

وتمثل الملالاة التي اشتهرت بها أرياف الحجرية “تعز”، موالًا  يمنيًا خالصًا، وارتبطت شعبيًا بوجدان الناس خصوصًا المرأة، التي ارتبطت بها بشكل أساسي نتيجة اغتراب الزوج والعائل وتحملها مسؤولية الأسرة والأرض.

ولسنوات طويلة، جسدت أغنية “مسعود هجر” – للفنان عبد الباسط عبسي والشاعر سلطان الصريمي- تلك الصورة التي عززت ارتباط الملالاة بمعاناة المرأة الريفية التي تنتظر زوجها الغائب، و زاد المسلسل الدرامي غربة البن من تجسيد تلك الصورة بشكل لافت، يرافقها موال “الملالاة” وغدت الصورة أكثر تأثيرًا مع مشهد “مسعود” العائد -بعد غياب- مقعدًا على كرسي ليجد زوجته هناك في انتظاره ملوحة له بظاهر كفها المنقوش.

موال فرح

بحسب الاستاذة أروى عثمان رئيسة بيت الموروث الشعبي فإن الملالاة موال ريفي ساد منطقة الحجرية بكافة أريافها وأن حصر “الملالاة” بمعاناة المرأة -فقط- ليس منصفًا ويظلم هذا الموال كثيرًا، وتضيف: ” الملالاة تؤديها المرأة للتنفيس عن نفسها أو للتعبير عن مكنوناتها العاطفية أو أثناء قيامها ببعض الأعمال وليس فقط للتعبير عن معاناتها بسبب غياب الزوج أو الابن”.

” تكتسي ملالاة المرأة اليمنية بألوان الحزن والألم والحنين واللوعة ولا تخلو من الفرح والنشوة“، قالت أروى عثمان.

من جهته يرى رئيس البيت اليمني للموسيقى الفنان فؤاد الشرجبي أن أداء هذا النوع من الأهازيج “الملالاة” لم يقتصر على المرأة في الريف اليمني – الحجرية خصوصًا – ويقول: ” رغم أن الملالاة ارتبطت بالمرأة واشتهرت بها، إلا أن للرجل اسهاماته وبدا ينافسها – أو بالأصح زاحمها فيه – فهناك أداءات لهذا اللون الموسيقي تفنن بها الرجل وساد فيه الغزل للفت انتباه المرأة وفيه جرأة أيضًا“.

ويتابع: “ستجد الرجل يُلالي متغزلاً، ألا ليلي لي لي ليليييييي، ألا عشب الزبود بين الحماحم السود، ألا بين الحماحم السود مثل المليح بين الخيب محسود”.

الملالاة والأغنية

وما تزال أغنية “مخلف صعيب” التي غناها الفنان محمد مرشد ناجي، حاضرة في الوجدان الشعبي بشكل كبير ليس فقط لارتباطها بمرحلة سياسية معينة أو لأن كاتب كلماتها عبد الفتاح إسماعيل، بل يعود سبب ذلك لارتباطها بالوجدان الشعبي من العمق في “الملالاة”، التي استند عليها المرشدي في أداء الموال بمقدمة الأغنية، كما أثرت الملالاة في العديد من الأغاني اليمنية، وهو ما يؤكده الشرجبي أيضًا.

 

 

وسميت الملالاة بهذا الاسم لأنها تبدأ بكلمات (الا ليلي ليلي ليلي لي للي لي ليييي) ويتفنن كلٌ من المرأة والرجل بأداءها بطريقة خاصة به لا تخرج – عادةً – عن الرتم العام، وبحسب الشرجبي فإنها تؤدى “برتم بطيء أو رتم سايب ممدود”.

ويوضح رئيس البيت اليمني للموسيقى أنه قد يختلف اللحن في موال “الملالاة” من قرية لأخرى ولكن بشكل بسيط بحيث يُبقي على هوية الملالاة، مضيفًا:”مثل ماهو حاصل في موال الميجنا والعتابا في الشام”.

ويضيف: “إن هذا اللون (الملالاة) ما يزال مهملاً موسيقيًا، على الرغم من أنه كانت هناك جهود وتوثيق إلا أنها لم تكتمل”، مؤكدًا، أنه من الممكن تطوير هذا اللون من الغناء ونقله لآفاق جديدة بشكل مدروس بالإتكاء على الأصل من أجل الوصول لأداء مميز وجذاب.

إعادة للواجهة

وخلال الخمس السنوات التي مضت وسادت فيها أصوات الرصاص والمدافع حتى اللحظة، برزت موجة شبابية تبحث في القديم، وتصدرت الأغنية الشعبية والأزياء هذه الاهتمامات وخصص هؤلاء الشباب صفحاتهم على السوشيال ميديا لنقل تلك الصور والمقاطع وإعادتها إلى الواجهة للتعريف بها وحمايتها من الاندثار، وكانت الملالاة ذات حضور جيد، باصوات نسائية ورجالية مثل: هاجر النعمان وآيات عمار، إلا أن فكري القدسي – الذي تعلم الملالاة من والده وهو يرعى الجِمال- تميز بأدائه المتمكن وغدا الصوت الأبرز على السوشيال ميديا.

المصدر | منصتي 30