تحليل: يقف وراء انتهاكات امتدت لأكثر من 30 عاما .. (صالح) ما زال يصر على الإضرار بالبلاد

تحليل:عبدالرحمن احمد عبده

 

 

 

يدرك الرئيس السابق علي صالح انه بات محاصرا، رغم محاولاته ليس فقط الافلات من التهم التي صارت مثبتة عليه ومدان بها شعبيا ـ وعلى اتباعه ـ في تقويض ادارة الرئيس عبدربه منصور هادي، بل وسعيه العودة بنظامه الى الحياة، فقد أصبح الامر قيد نظر الشعب المتطلع للخلاص من حالة البؤس الذي عاش في ظل حكمه اكثر من 30 عاما.

يحتمي صالح بقانون الحصانة ـ او انه يعتقد ذلك ـ وهو القانون الذي تحصل عليه وفقا للتسوية السياسية بعد الاطاحة به من قبل ثورة الشعب الشبابية، مقابل ان يكف عن ممارسة السياسة التي كانت قد اوصلت البلاد الى وضعها السيئ، لكن الرجل ما زال مهووسا بجنون العظمة ويمارس دورا غير شرعيا في الحياة العامة، معرقلا للتسوية السياسية وجنّد عائلته واتباعه لضرب كل ما يعتمل في البلاد من اجل التغيير.

لجأ صالح الى التخريب كوسيلة للاضرار السريع بمصالح الناس بغية احراج الرئيس هادي وحكومة باسندوة التي يشغل حزبه المؤتمر الشعبي العام نصف مقاعدها، فجاء من حاجات الناس الملحة والضرورية كالكهرباء ومشتقات البترول وضرب ميزانية الدولة بتخريب منشآت النفط، ليضع هادي في موقف العاجز ويظهر هو ـ أي صالح ـ بمظهر المنقذ، في محاولة لاغراق صنعاء بفوضى عارمة، الا ان هادي وحكومته ادركا الامر وكانا بالمرصاد، في حين غاب عن صالح أمر اساسي وهو ان كل ما جرى لن ينطلي على الناس.

لا زال صالح يكابر ولم يستفد من مصير اقرانه الرؤوساء العرب، كالقذافي الذي سُحل بعد مقتله ومبارك الذي ما زال في سجنه وبن علي الذي قبل الاستكانة والخضوع بعد ان شعر بمرارة السقوط وهو يجول في السماء بعد خروجه من تونس بحثا عن ملجأ.

صالح الان يعيش في وهم الرئيس الزعيم او الزعيم الرئيس بعد ان غرر به بعض من حوله وصور له ان الامر ممكنا ان يبقى على رأس هذا الوطن، فعاش وما زال يعيش في غيبوبته المدمرة، ولم يدرك بعد ان الوضع قد تغير وهيهات له ان يتسيد الموقف.

المشهد اليوم اكثر وضوحا ولن يكون بمقدور صالح الا ممارسة كبرياء غبية تدفعه للتمترس خلف مصالحه واسرته واتباعه، حتى وان احدث شيئا من الفوضى والجلبة، فادارة الرئيس هادي يوما عن يوم تخرج من عجزها، رغم انها لم تلب طموح الناس بعد، فإدرة الرئاسة والحكومة الحاليتين لم تأت الا من نفس منظمومة صالح المقيتة، كما ان قوى النفوذ العسكرية والسياسية والدينية ما زالت متمسكة بمصالحها التي قامت الثورة من اجل الاطاحة بها، فما كان منها الا ان تركب موجتها، وكانت النتيجة ان يحمل الوطن الارث المقيت لهذه القوى التي هي في الاخير تساهم بعرقلة التغيير.

اليوم لجنة العقوبات الدولية تلوح بقوة لممارسة عمل حقيقي يسند التغيير في البلاد، ومن جهة اخرى باتت القضية الجنوبية ـ رغم ما يعتري الحراك الجنوبي ومكوناته من ارباك في القيادة والرؤية ـ اكثر حضورا مما قبل ومن الغباء ان يعتقد احد في اي موقع كان وفي اي موقف كان، ان تلتف الحيل السياسية او المراوغة عن حقوق الناس في الجنوب ورد اعتباره جغرافيا وسياسيا، ككيان وبيئة يحمل ارثا مدنيا قابلا للتخلص من مساوئ الانتهاكات التي لحقت به او الارث السلبي للنظام الشمولي السابق.

وامام هذا المشهد الواضح بكل تفاصيله وتعقيداته لا يزال صالح يحاول الاضرار بالبلاد، ومن جانب آخر لا زالت قوى ومراكز النفوذ تصر ان تتحايل ـ وإن تلبست بالثورة ـ وتعمل على عرقلة التغيير تمسكا بمصالحها وتقوية نفوذها، وهي بذلك لا تختلف عن صالح المعرقل.

وفي المقابل لا زالت إدارة هادي بحاجة لان تتخلص من اساليب صالح في تسيير الشأن العام وان تعتمد على كوادر متخصصة ومخلصة، خاصة وانها تبدي تفهما واضحا لارادة التغيير الوطنية ولو بحدها الادنى المسنودة اقليميا ودوليا.

 

 

من صفحة الكاتب على فيس بك