
رئيس الوزراء: اليمن تعيش في دوامة معقدة لا يمكن تجاوزها بوقت قصير
أكد د.سالم بن بريك، رئيس الوزراء، أن الحكومة تواجه تحديات معقدة في ظل أوضاع سياسية واقتصادية غير مستقرة تشهدها البلاد منذ أكثر من عقد، مشيرًا إلى أن اليمن يمر بمرحلة دقيقة تتطلب إصلاحات عميقة ومستمرة.
وأضاف سالم بن بريك، خلال لقائه مع الإعلامي مصطفى بكري في برنامج "حقائق وأسرار" المذاع على قناة «صدى البلد»، أن غياب الاستقرار السياسي وانتشار الحوثيين في عدد من المناطق تسبب في انهيار الخدمات الأساسية، وأدى إلى تراجع قيمة العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير.
وأشار إلى أن جودة الخدمات المقدمة للمواطنين متدهورة للغاية، لافتًا إلى أن رواتب أساتذة الجامعات لم تتغير منذ عام 2015، رغم ارتفاع نسب التضخم والأسعار.
وأوضح رئيس الوزراء أن اليمن يعيش في دوامة معقدة، ولا يمكن تجاوزها في وقت قصير، لكنه كشف عن وجود خطة متوسطة وطويلة المدى للتعامل مع أزمة الكهرباء وتحقيق تحسن تدريجي في الأوضاع.
وكشف عن أن أخر موازنة عامة تم إقرارها في اليمن تعود إلى عام 2019، ويتم حالياً العمل بها وفقًا للوائح الدستور، مع بدء تحضيرات فعلية لإعداد موازنة جديدة أكثر شمولاً تستوعب المتطلبات الاقتصادية والمعيشية الراهنة.
وأضاف بن بريك أن مظاهر الحياة بدأت تعود تدريجيًا في بعض المناطق، وهناك مؤشرات تحسن مقارنة بالسنوات الماضية، بالتزامن مع جهود أمنية تُبذل لبسط الاستقرار الداخلي، مؤكدًا أن الأمن هو المدخل الأساسي لأي تحول اقتصادي حقيقي.
ولفت إلى أن انهيار العملة اليمنية لا يمثل فقط أزمة اقتصادية، بل يعكس حجم الانهيار العام في المشهد اليمني نتيجة التداخل بين الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
واتهم رئيس الوزراء، جماعة الحوثي بخرق الاتفاقات الاقتصادية القائمة عبر إعلانها عن سك عملة جديدة، مشيرا إلى أن «اتفاق 23 يوليو كان ينص على عدم الخوض في أي إجراءات اقتصادية تضر بالمواطنين من الجانبين».
وقال إن الحكومة اليمنية التزمت بالاتفاقات التي توصل إليها قبل نحو عام ونصف، ممثلة في البنك المركزي والمؤسسات المالية «إلا أن ميليشيا الحوثي لم تفعل ذلك». وتابع: «في البداية، صكوا عملة فئة 100 ريال، وللأسف الشديد فوجئنا منذ أيام بإعلان الحوثي أنه صك عملة فئة الـ 50 ريال، وهذا يخالف كل الاتفاقات الموجودة».
وفسر أسباب تدهور العملة المحلية أمام الدولار، قائلا: «للأسف انهيار العملة اليمنية، الريال اليمني، أعتقد هو مؤشر عن الوضع الاقتصادي بالكامل، تستقر العملة بشكل عام وأساسي عندما يتحقق الاستقرار السياسي والأمني والعسكري، والتصدير، هذه هي العوامل الرئيسية؛ لكن للأسف نحن نفتقد معظم هذا الاستقرار».
وأشار إلى توقف صادرات النفط، التي كانت تشكل المصدر الرئيسي للعملة الصعبة للدولة، قائلا: «تصديرنا من النفط كان يشكل 65 % من إيرادات الدولة.. للأسف حُرمنا من ذلك في أكتوبر 2023 عندما هوجم ميناءا التصدير الوحيدان في المحافظات التي هي تحت سيطرة الشرعية، وهي الضبة في حضرموت والنشيمة في شبوة».
وأكد رئيس الوزراء أن تصعيد الحوثيين للقتال في البحر الأحمر عبر إطلاق الصواريخ والهجمات على السفن يشكل تهديدًا مباشرًا للملاحة الدولية ويؤثر سلبًا على موانئ المنطقة وخاصة ميناء الحديدة ومضيق باب المندب وقناة السويس.
وحذر سالم بن بريك، من خطورة جماعة الحوثي على أمن واستقرار المنطقة برمتها وليس اليمن فقط. وقال: "الفترة المقبلة تحمل في طياتها قدرًا كبيرًا من عدم اليقين، ومن المستحيل التنبؤ بسيناريو واضح لها، فالوضع في المنطقة غامض بشكل غير مسبوق".
ودعا إلى تعزيز التعاون المصري اليمني، قائلًا:"نرحب بكل أشكال الشراكة خاصة في مجالات البنية التحتية والكهرباء، وأدعو الشركات المصرية للاستثمار في اليمن، حيث ستتاح لها مزايا وتسهيلات خاصة".
وقال: «أتقدم بالشكر لجمهورية مصر العربية، ولفخامة الرئيس السيسي، والشعب المصري لما قاموا به خلال العشر السنوات الماضية في دعم اليمن». وأضاف: «الكثير من الدول فتحت أبوابها للمواطنين اليمنيين، منها السعودية ومصر وماليزيا وغيرها، لكن أعتقد أن النافذة الوحيدة التي كانت مسهّلة لليمنيين هي جمهورية مصر العربية».
وتابع: «الشعب المصري يستقبل ومضياف في هذا الموضوع، وأعتقد أن اليمنيين دائما لا يشعرون أنهم بغربة في مصر، وهذا ليس غريبًا على جمهورية مصر العربية بكافة مستوياتها».
ووجه رئيس الوزراء اليمني «دعوة مفتوحة» للشركات والمستثمرين المصريين للمشاركة في إعادة إعمار اليمن. وشدد على أن حكومته ستقدم جميع التسهيلات اللازمة، قائلا: «أستغلها الآن، وأوجه دعوة مفتوحة للمستثمرين وللشركات المصرية في كافة المجالات، وعلى وجه الخصوص المجال الخدمي من كهرباء، وإحياء النفط، وسنقدم كافة التسهيلات لهم في هذا الموضوع».
وأكد أن حكومته تتطلع إلى بدء صفحة جديدة من العلاقات المثمرة مع مصر، مشيدًا بالخبرات المصرية في جميع المجالات، فضلا عن طبيعة الشعبين المتقاربة التي ستسهل التعاون.
ونوه رئيس مجلس الوزراء بالدعم الكبير الذي قدمته المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لليمن خلال السنوات الأخيرة، مؤكداً على استمرار هذا الدعم في مختلف المجالات التنموية والإنسانية.