محللون: إغلاق الاقتصادات العالمية يعزز احتمالات تأجيل "أوبك+" تخفيف قيود الإنتاج

المدنية أونلاين/متابعات:

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع جديد بضغوط من استئناف الإمدادات الأمريكية بعد زوال مخاطر إعصار دلتا، وانتهاء إضراب العمال في النرويج.

وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، إن الأسعار تواجه ضغوطا واسعة أيضا بسبب استمرار الإصابات المتسارعة بفيروس كورونا، بينما تسعى "أوبك+" إلى مواصلة تقييد المعروض النفطي في محاولة لتعزيز التوازن بين العرض والطلب.

وأوضح المختصون أن المنتجين يقاومون وضع السوق المضطربة من خلال تخفيضات "أوبك+"، ويساعدهم على تحقيق أهدافهم، التراجع المستمر في مستوى الإمدادات الأمريكية، حيث تمكنت التخفيضات القياسية من انتشال السوق عقب انهيار الطلب العالمي على النفط 20 في المائة في نيسان (أبريل) الماضي، متوقعين أن الاستهلاك العالمي من النفط الخام سيتعافي نسبيا في الربع الأخير من العام الجاري.

ولفت المختصون إلى احتمالية أن تؤدي إصابات الجائحة السريعة والمتزايدة إلى مزيد من الإغلاق المحلي وانخفاض النشاط الاقتصادي في الأشهر المقبلة، معتبرين أنه إذا سارت الأمور نحو السيناريو الأسوأ فقد لا يكون أمام تحالف "أوبك+" خيار آخر سوى تأجيل تخفيف قيود الإنتاج والاحتفاظ بمستوى تخفيضات كبيرة، وربما العودة إلى المستويات القياسية السابقة، التي كانت تبلغ نحو 10 في المائة من المعروض النفطي العالمي بسبب توقف تعافي الطلب على النفط واستمرار وتيرة بناء المخزونات المرتفعة.

وتشير توقعات إدارة معلومات الطاقة قصيرة المدى لشهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري أن متوسط الأسعار الفورية الشهرية لخام برنت سيبلغ 42 دولارا للبرميل خلال الربع الرابع من 2020، وسترتفع إلى متوسط 47 دولارا للبرميل في 2021.

وقال روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن بيانات الطلب تسيطر عليها التوقعات القاتمة بسبب تفاقم الجائحة أخيرا، مع دخول العالم إلى الموجة الثانية ولجوء بعض الدول إلى الإغلاق الاقتصادي التام للسيطرة على انتشار العدوى.

وأوضح أنه في تموز (يوليو) الماضي كان الطلب على النفط قد عوض معظم الخسائر، التي تكبدها خلال الربع الثاني، ولكن التعافي بدأ يتأرجح مع عودة ظهور حالات الإصابة بفيروس كورونا في الاقتصادات الكبرى، خاصة في الولايات المتحدة والهند وأوروبا.

وذكر أن منتجي "أوبك+" يكافحون للسيطرة على فائض إمدادات النفط الخام في الأسواق، إضافة إلى مصاعب استمرار بناء المخزونات النفطية، مبينا أن الجميع يتطلع إلى التوصل إلى لقاح موثوق حتى يبدأ الاقتصاد العالمي في مرحلة التعافي بوتيرة سريعة لتعويض الخسائر السابقة الفادحة، في وقت ترجح فيه أغلب التكهنات تأخر التعافي الكامل من الركود، ومن تداعيات الجائحة إلى منتصف العام المقبل.

من جانبه، أكد ألكسندر بوجل المستشار في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية، أن عملية علاج فائض المخزونات ستستغرق وقتا طويلا– بحسب عديد من الدراسات الدولية– خاصة أن حالة عدم اليقين والضبابية تلقي بظلال قوية على السوق العالمية، وهو ما جعل تراجع المخزونات في الولايات المتحدة تحديدا وهي أكبر مستهلك للنفط في العالم يجري بوتيرة بطيئة للغاية.

وعد أن أكبر التحديات، التي يواجهها الطلب على الوقود هي بالفعل التغيرات الواسعة في أسلوب معيشة المستهلكين، حيث جرى على نحو واسع وغير مسبوق في الشهور الماضية التحول إلى المؤتمرات الافتراضية والعمل عن بعد ومن المنزل، ما يشير إلى احتمالات حدوث تغير شامل في أنماط الحياة للمستهلكين.

من ناحيته، قال لوكاس برتريهر المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز إن اجتماع المنتجين في "أوبك+" خلال كانون الأول (ديسمبر) المقبل يواجه تحديات واسعة لمراجعة وإعادة تقييم السوق في ظل زيادة ضغوط الجائحة، مبينا أنه كان من المخطط مسبقا بدءا من بداية العام الجديد تخفيف قيود خفض الإنتاج إلى 5.8 مليون برميل يوميا بدلا من 7.7 مليون برميل يوميا المطبق حاليا، وهو الأمر المحفوف بالمخاطر في ظل استمرار تهاوي الطلب، الذي يضاف له موسم صيانة المصافي الأمريكية في الربع الأول وهو ما يضيف ضعفا جديدا على ضعف الطلب المستمر بسبب الجائحة.

وأشار إلى حاجة مجموعة "أوبك+" مع بداية العام الجديد لجهود أكثر فاعلية وصرامة من أجل تحقيق الهدف الرئيس لها، وهو استعادة التوازن في سوق النفط المليئة بالاضطرابات والمتغيرات السريعة المرتبطة بالمخاطر الجيوسياسية، مرجحا أن يكون للانتخابات الأمريكية تأثير محدود على الأسعار.

بدورها، ذكرت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية أن الاقتصاد العالمي يتطلع إلى أنباء إيجابية مريحة عن وضع اللقاح وآليات السيطرة على الجائحة، مشيرة إلى تأكيد "أوبك" أن التوصل إلى لقاح سيضيء الطريق أمام سيناريو متفائل لمسار كل من الطلب والعرض، مبينة أن الشكوك والمخاطر الكبيرة الحالية أدت بالفعل إلى زعزعة استقرار سوق النفط والتأثير في وتيرة التعافي الاقتصادي.

وعدت أن تحالف "أوبك+" في مأزق راهن حول كيفية مواجهة الأزمة المتفاقمة في الاقتصاد العالمي، خاصة أنه يخطط حاليا بالفعل لتخفيف قيود الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا أخرى بدءا من كانون الثاني (يناير) 2021، متوقعة أن يقود كبار المنتجين اتجاها جديدا في اجتماع كانون الأول (ديسمبر) المقبل للعدول عن تخفيف قيود الإنتاج والحفاظ على مستوى التخفيضات الإنتاجية القياسية مع احتمال العودة إلى المستوى الأكبر، الذي طبق في بداية الاتفاق في أيار (مايو) الماضي وهو 9.7 مليون برميل يوميا.

وفيما يخص الأسعار، انخفض النفط 1 في المائة للجلسة الثانية على التوالي أمس، مع شروع منتجين أمريكيين في استئناف العمل بعد إعصار دلتا وانتهاء إضراب للعمال أثر في الإنتاج في النرويج.

وبحسب "رويترز"، نزلت العقود الآجلة لخام برنت تسليم كانون الأول (ديسمبر) 41 سنتا إلى 42.44 دولار للبرميل وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم تشرين الثاني (نوفمبر) 42 سنتا إلى 40.18 دولار.

وكسب العقدان لشهر أقرب استحقاق أكثر من 9 في المائة الأسبوع الماضي وهي أكبر زيادة أسبوعية منذ حزيران (يونيو)، ولكنهما انخفضا الجمعة الماضية بعد توصل شركات نفط نرويجية لاتفاق مع مسؤولين بنقابة عمال أنهي إضرابا هدد بخفض انتاج البلد من النفط والغاز بنحو 25 في المائة.

ووجه إعصار دلتا أكبر ضربة لإنتاج الطاقة من خليج المكسيك في الولايات المتحدة في 15 عاما ولكن العمال بدأوا في العودة لمنصات الإنتاج أمس الأول وتعمل "توتال" على إعادة تشغيل مصفاة بورت آرثر في تكساس وطاقتها 225 ألفا و500 برميل.

وعلى الرغم من تأثير الإعصار، فإن أسعار النفط قرب 40 دولارا للبرميل في الأشهر القليلة الماضية شجعت شركات طاقة أمريكية على إضافة حفارات نفط وغاز طبيعي للأسبوع الرابع على التوالي، حسب بيانات من بيكر هيوز.

ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج ليبيا وهي عضو في منظمة "أوبك" إلى 355 ألف برميل يوميا بعد رفع حالة القوة القاهرة عن حقل الشرارة أمس الأول.

من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 41.61 دولار للبرميل الجمعة الماضية مقابل 41.06 دولار للبرميل في اليوم السابق.

وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق خامس ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقابل اليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 38.09 دولار للبرميل.