من كسر السلطة الإنقلابية ، يكسر الفاسدة

سبحان الله وما أكرمه ؛ قتل فرعون مئات المواليد يظنهم موسى ، والله أراد لموسى الحياة ، وألزم فرعون بحمايته ، قال تعالى {إذ أوحينا إلى أمك مايوحى * أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدوٌ لي وعدوٌ له وألقيت عليك محبةً مني ولتصنع على عيني} . . . والتاريخ مليء بقصص مشابهة لهذه القصة ؛ وكلما مررت بإحداها ورأيت واقع الجنوب يزيد يقيني بعون الله ومحبته للشعب الجنوبي المظلوم ؛ وقد كتبت مقالاً قبل ست (٦) سنوات كتبت بعنوان "أيُّها الشعب لاتقنط إن الله معنا" ، وجعلت هذه الجملة خاتمة عدد من مقالاتي .

فكما سخَّر الله عدوه  -فرعون- حارساً على موسى عليه السلام ، سخَّر الله للجنوب "عدوه"  كي يكون حارساً على ثورته ؛ وكلما خفتت نارها أذكاها العدو...!! وقد وضعت لهذه الحال عنواناً وشرحاً في مقال كتبته قبل أربع (٤)سنوات بعنوان "الوحدة محمية بغباء الرفاق والحراك محمي بعنجهية مستعمر" ومع كل فرصة عظيمة يقذف بها الله إلى الجنوبيين ، ويعجزون عن التقاطها ، كنت أكتب مقالات بنفس المعنى .

هذه حقيقة لايمكن إنكارها ، فلولا العقلية الإستعلائية الاستعمارية القذرة عند كل شماليي السلطة  "الإنقلابية والشرعية"  ومن يدور في فلكهم من الصحفيين والمفكرين والفنانين والتجار وعلماء الدين كانت أنتهت القضية الجنوبية . . . لو أنَّهم بنصف عقلية المستعمر البريطاني لكفتهم لتثبيت هذه الوحدة القبيحة .

لو عدنا إلى سنوات الثورة -الحراك- وتذكرنا كم اجتهدت العقول الجنوبية من سياسيين ومفكرين ووجهاء ، ومهرجانات ومسيرات ومؤتمرات من أجل توحيد الشعب الجنوبي في خندق واحد..؟ جميعها عجزت مرَّة تلو مرَّة . . . وقام العدو بهذه المهمة ؛ فجمعهم على مراحل تحت راية الاستقلال ، ثمَّ ختمها بتوحيد الجنوبيين "جميعهم"  في ٢٠١٥ تحت قيادة الرئيس هادي...!!! عندما هرب الرئيس من صنعاء إلى عدن جاءته الوفود الممثلة للقبائل والقوى السياسية ومكونات الحراك والعلماء والقوى المدنية والمتقاعدين العسكريين والتجار وأعلنوا وقوفهم خلفه . . .

وبهجوم العدو في ٢٥ مارس على الجنوب اكتمل اللتفاف الشعب الجنوبي (من في الداخل والخارج) حول الرئيس . . . كان اللتفاف نادر في تاريخ الجنوب..!! وخاض الشعب المعركة ؛ وقدَّم قوافل الشهداء ، وهو متمسكون بالرئيس "رغم هروبه من البلاد في الساعات الأولى للغزو" . . .

ومرت الأشهر والشعب على عهده ، والرئيس لم يخاطبهم حتى بخطاب عاطفي واحد . . . ورحَّبوا بكل قرارت التعيين في الوظائف التي أصدرها "رغم سوئها" ، وتحمَّلوا تقصير حكومته أو لنقل عدم قيامها بأقل القليل من واجباتها "أثناء الحرب وبعد التحرير"..!! هذا الإلتفاف النادر لم يأتي صدفة ، ولم يكن نتيجة لبطولات الرئيس في خدمة الجنوب "كان يخدم سلطة الاحتلال" . . .

كان اللتفاف بإرداة ربَّانية ؛ قيَّض الله لصناعته كل معارضي الرئيس ؛ وهم عقول الشعب الجنوبي وقوته الخفية ؛ من المفكرين والكتَّاب والساسة والعسكريين ، والتجار "كان أغلبهم في قوى الاستقلال"  ؛ هم من قام بتوجيه الشعب لهذا الإلتفاف ، عبر كل وسائل الإعلام ؛ قنوات فضائية ؛ صحف مطبوعة وألكترونية ؛ منتديات ؛ ندوات ومحاضرات ؛ مواقع التوصل الإجتماعي "فيسبوك-تويتر" . . .

هي إرادة الله جمعت الجنوبيين في خندق واحد ؛ وعلى الرئيس هادي أن يكون بمستوى الأمانة التي وضعها الشعب على عاتقه ؛ عليه أن يحافظ على هذا الصف الجنوبي الواحد ؛ عليه أن يكون الأب لكل الشعب .  . .

وعليه أن يتذكر أنَّ مزاج الجماهير متغير "هكذا يقول التاريخ" ؛ فكما يحب فجأة يبغض فجأة . . . وعليه أن يتذكر "أنَّ الله مع حرية الشعب الجنوبي"  وكما هداه الله لحمل السلاح في وجه السلطة الإنقلابية بدون قائد موجه ، يمكن أن يهديه لحمل السلاح في وجه السلطة الشرعية الفاسدة والفاشلة ، وستكون أسهل من شريكتها الإنقلابية .

والله أعلم


مقالات الكاتب