حتى نبني الجنوب الذي نريد

من نظرة سريعة لمجريات العملية العسكرية في جنوبنا ،تقريبا يمكن لأي جنوبي أن يخلص الى اننا قد خلصنا تماما من طغيان الهمجية وكابوسها الذي جثم علينا طويلا.. خصوصا فيما اذا استمتنا في عدم اتاحة الفرصة لتسلل ادوات هذا الطاغوت وتغلغلهم الى ربوعنا ثانية ،وصور هذه الادوات كثيره ،وكلنا يعرفها جيدا.. وفي الوقت عينه علينا استكمال تخليص ما تبقى من جنوبنا من فلولهم ،والاهم منه ان لا ندع فرصة للانبعاجات الجانبية التي قد تقفز هنا وهناك من احتياطياتهم المعروفة لتسميم أجوائنا.. والحليم بالإشارة يفهم هنا.

 

فعلا ازحنا هذا العفاش وطغيانه ،ومعه ازحنا من امتطى صهوة حصانهم ،وبمسماهم خاض حربه القذرة ضدنا ،وخسرنا فيها الكثير.. لذلك فهل نحن كفوئين فعلا اليوم لإقامة جنوبنا النظيف والمتحرر من الطغيان والمدني وخلافه!! لست ادري! ولان الاجابة على مثل هكذا سؤال تسحب حزمة من الاسئلة البديهية منها والشائكة ،مثل ...هل استوعبنا الدرس جيدا من هذه الحقبة السوداء في شريط حياتنا اي هل ادركنا لماذا تمكنوا من التهامنا وتمزيقنا ،واحياء موروث الثارات وتحفيز النعرات الجهوية في جنوبنا ولماذا تمكنوا من تفكيك واجتثاث مداميك ارثنا الثقافي والمدني المتحضر العريق الجذور في وعينا وخلافه .....ولماذا استطاعوا بسهولة اغراقنا في ارثهم وثقافتهم الرثة على اكثر من مستوى وصعيد ،كتفشي الرشوة واستعذاب مسمى المشيخ وسلوكياته العتيقة وتعميم الفساد وتأصيل مبدا نهب المال العام وخلافه من السلوكيات الرثة التي لم نعهدها قبلا فينا! مع كل ذلك يبقى السؤال العصي على الاجابة وهو :لماذا استسغنا واستهوينا استعادة احياء الموروث العتيق للمنطقية والجهوية في خطابنا وسلوكنا مؤخرا وان كانت موجودة لدينا الى حد ما قبلا ،ولكنها ليست بهذه الحدة والعنفوان.

 

 فاليوم ،وتحديدا بعد ان اوشكت الحرب على ان تضع اوزارها يتصاعد بين اوساطنا نشاز نغمة :اهل شبوه لا ادري ماذا واهل يافع كذا..... والصبيحة فعلوا ،والبدو )اهل ابين(صنعوا، وأولئك تركوا ،واهل..... ابطال ،وآل..... جبناء! وقبائل....... لا اعرف ماذا ياجنوبييييين اصحووووووا.. لقد التهمونا قبلا بمثل هكذا طروحات اججوها بيننا ،وبعد ان زرعوا بذورها في تربتنا رويدا رويدا ، وحتى بلعنا الطعم وهضمناه ،وهانحن نستجر ترهات ما نصبوه لنا ،فلنخلص من هكذا اداء ،ولنبتعد عن مثل هكذا طروحات ومنطق ،فكلنا جنوبيون ،ولاننابمثل هكذا طروحات وسلوكيات لن نبني الجنوب الذي نريد ،بل ولن نذوق حلاوة نصرنا المؤزر على هؤلاء .

 

 

اليوم نحن نعجن ونفت في التقييمات والتصنيفات ،فأهل الضالع كواسر ،وكسروا العدو مبكرا ،ومحافظهم العسكري رخيص وخائن عميل حتى النخاع ،واهل شبوه ،الشيخ صالح بن فريد وجحافله الشبوانيين صمدوا صمود الجبال ،ومثله  الشيخ بن عديو.. وحتى الصبيحة انتشر اسودهم في كل الجبهات كالقضاء والقدر ،وبينهم نفر ضباط )عطيره (قاتلونا في صفوف العدو وبقسوة لا تضاهى ،وحتى محافظهم المجيدي كان اكثر من نذل وبامتياز ،وهكذا في كل بقاع الجنوب ،فكل زبيبة في........ عود ،وحتى عدن منار المدنيةوالنور ،كان محافظها المعين دبوس وشوكه للخيانة في ظهر كل الجنوب!! اذا اردنا ان نحقر او نحاسب فلنقول يافلان انت حقير وخائن.. وبدون الصاقه بقبيلته او المحافظة التي ينتسب اليها... وهكذا.

 

 لذلك ينبغي علينا ان نعيد النظر في ثقافتنا المهترئة في هذا الشأن ،وان نبتعد عن الايغال في البحث عن الجينات الوراثية لكل جنوبي ،او الغرق في لجة التقييمات الخرقاء آل كذا شجعان ،وقبائل كذا خونه.. وال كذا لا ادري ماذا !فمثلا نعرف ان عدن عاصمتنا التي نتبجح بها ونتباكى على اطلالها وخلافه ،هي عاصمة مثل كل عواصم الارض ،وفيها من مختلف الاجناس ،فيها الهندوسي والصومالي والفرسي والباكستاني ،وعرب من كل دول العروبة والافارقه ايضا ،وفيها من كل الجنوب ،فيها الحضرمي والضالعي والبدوي واليافعي والصبيحي، وكل لفيف البشر الجنوبي ،وهي ارضهم ،ولاعجب في هذا مطلقا.

 

 لكن في عدن هذه ،وحيث لا وجود للتباهي بالقبيلة مطلقا الا لدى المتقبيلين ،فقد قاتل رجالها وبشراسه ،وهم من مختلف اطياف الاجناس ،قاتلوا تحت راية الجنوب وحبهم له وحسب ،وحتى الجنوبيين من اصول صومالية بحته! ففي جبهة المعلا قبل سقوطها استشهد ثلاثة منهم وهم يقاتلون ببسالة في صفوف المقاومة ،واحدهم مولد من أم صومالية واب شمالي تعزي ومستقر في عدن منذ أمد بعيد ،  وهو معروف لدى نخبة عدن الرياضية جميعا ،واسمه محمد سيف مدهش ،وحضر جنازته رياضيين من العيار الثقيل.. اذا اين هي القبيلة هنا لذلك علينا ان نعيد النظر في طروحاتنا جيدا، والا فلن نستطيع بناء الجنوب الذي نحلم به.. اليس كذلك!