الكيان الصهيوني وايران... وجهان لعملة واحدة!
ليس من قبيل الصدفة ان تغرق منطقتنا العربية والاسلامية في ازمات متلاحقة وفوضى ممنهجة منذ قرن من الزمان، فمنذ تفكيك الدولة العثمانية لعبت القوى الاستعمارية الكبرى بريطانيا و فرنسا ولاحقا الولايات المتحدة دورا خطيرا في رسم خريطة للمنطقة قائمة على التجزئة والصراعات وخلق انظمة وظيفية لا تخدم مصالح شعوبها بل تكرس تبعيتها السياسية والعسكرية والاقتصادية.
فبريطانيا التي طالما قدمت نفسها كقوة استعمارية متحضرة كانت هي من مهدت لزرع الكيان الاسرائيلي في قلب الامة العربية بفلسطين عبر وعد بلفور المشؤوم والدعم اللوجستي والعسكري للهجرة اليهودية المنظمة وفي الوقت ذاته ساهمت في خلق كيانات خليجية على اسس قبلية هشة تفتقد إلى العمق التاريخي والسياسي لكنها موالية وتابعة للقرار البريطاني.
اما فرنسا فقد لعبت دورا خبيثا لا يقل خطورة من خلال دعم التيارات المتطرفة تحت غطاء الثورات كما حدث في دعمها الخفي للثورة الخمينية في ايران التي لم تكن سوى مقدمة لتفجير صراعات طائفية مذهبية في المنطقة سيرت لصالح مشاريع الهيمنة وتقويض القوى العربية التقليدية في العراق وسوريا واليمن ولبنان.
ثم جاء الدور الأمريكي الذي اعتمد استراتيجية الفوضى الخلاقة لتفكيك ما تبقى من الدولة الوطنية في العالم العربي من خلال اشعال الحروب الداخلية وتمويل مليشيات متطرفة وزرع الطائفية والانقسام وتدجين الانظمة التابعة عبر صفقات الحماية والتسليح.
لقد بات واضحا ان الاستخبارات الغربية وعلى راسها الامريكية والبريطانية والفرنسية عملت لعقود على صناعة انظمة لا تنتج الا القمع والفقر والتبعية وتغلق الباب امام اي مشروع نهضوي حقيقي من اجل ابقاء المنطقة في حالة ضعف دائم وإجبار بعض الدول العربية وكذا الخليجية على الارتهان للغرب طلبا للحماية فيما ينهب النفط وتنهك الشعوب وتدفن احلام التنمية والوحدة والاستقلال.
ان ما نعيشه اليوم هو نتاج قرن من المؤامرات المتراكمة وليس مجرد ازمات طارئة وادراك هذه الحقائق والعمل على فضحها هو الخطوة الاولى نحو تحرير الارادة العربية واستعادة مشروع الامة وبناء دول تحترم شعوبها وتنهض بقرارها الوطني بعيدا عن التبعية والاملاءات الخارجية.