التصحيح.. علينا ان نؤمن ونبادر
كل الرسالات السماوية لم تتنزل من الله لمحاربة الناس لانهم من هذه المنطقة او تلك او هذه القبيلة او تلك، او لمحاربة فلان من الناس لانه كافر او مشرك او معارض، وانما جاءت لمحاربة الباطل واقامة الحق والعدل في الارض.
محاربة الباطل واهله وبكل صوره واشكاله اينما كان دون تميز او تعصب او مهادنة، ولنا ان نرى كيف وقف الرسل والانبياء ضد اقرب الناس اليهم عندما كانوا من اهل الباطل، فابراهيم وقف ضد ابيه وعشيرته، وموسى الذي تربى وعاش في القصر الفرعوني وقف ضد فرعون، ومحمد وقف ضد قريش وفيها اعمامه واقاربه واصهاره.
الاسلام نبذ التعصب لانه يعمي العقول والعيون عن رؤية الحق، ولانه يقود اصحابه الى الوقوع في الباطل دون شعور منهم بخطورة ما يفعلون، لذا لعلنا نرى اليوم كيف فشلت الكثير من القوى والاحزاب والجماعات في ادارة الدول والمجتمعات والشعوب، بسبب التعصب والانغلاق على الايدلوجيات والمشاريع السياسية غير الوطنية، التي بدلا من ان تعمل على ادارة التنوع والاختلاف على قاعدة التعايش والقبول بالاخر، مع مراعاة مصالح جميع افراد الشعب دون اقصاء او تمييز، ذهبت تقسم الناس الى فرق وجماعات وانتماءات مختلفة، واتخذت منها مواقف معادية وحرمتها من حقها في الحياة والعيش والكرامة والانتماء للدولة، التي هي ملكا للجميع، وليست ملكا للنظام الحاكم او ذلك الحزب او الجماعة، وبتلك الطريقة يتم خلق المشكلات والمظالم واضعاف انتماء الناس للوطن الواحد، وهذا هو الباطل بعينه، والفساد الذي قاد ويقود الى فساد اكبر في كل مناحي الحياة، حول حياة الناس الى جحيم لا يطاق، كما نلاحظ اليوم.
إذن تقع علينا اليوم مسؤولية التصدي لذلك بكل الوسائل ، واعادة تصحيح المسار المعوج والكارثي الذي يقودونا اليه، والذي يستغله اعداؤنا وخصومنا لتوسيع الشقاق والهوة لدفع البلد نحو التفتت والتمزق والاحتراب بصورة لا تبقي ولا تذر، والشواهد ماثلة لاتحتاج الى كثير عناء.
اننا بحاجة اليوم جميعا كيمنيبن للالتفاف حول بعضنا بعيدا عن التعصب والتمنطق والمحسوبيات، لاخراج البلد اولا من الازمة والمتاهة العالقة فيها، لانه عدم الخروج من هذه المتاهة يعني المجهول لنا جميعا ولمستقبل الاجيال من بعدنا، وعلينا ان نطمئن ونثق ان الانتصار لمعالجة القضايا الوطنية والسياسية واعادة الحقوق لاصحابها، لايتم بالتعصب والكراهية، وانما بالتقارب والحوار والعمل السياسي الوطني والناضج.
الباطل زاهق لا محاله هو واهله، والحق منتصر مهما طال الوقت او قصر، والخير والصلاح سيعم الارض، لان ذلك وعد من الله، وما علينا الا ان نؤمن ونبادر ونشمر عن سواعدنا ونلتف حول بعضنا من اجل التصحيح واعادة البناء للانسان والوطن.
*رئيس اللجنة التحضيرية للتيار الوطني للتصحيح والبناء