الجنوب..ورسالة جنيف

▪️سجّل الجنوب في جنيف موقفاً عربياً مشرِّفاً مع شعب فلسطين، كأن روح عدن قد اتسقت بروح القُدس.

وقد حكى لنا الزمن في كتابه قصة شعب الجبّارين.

 كان برنامج أنباء وتقارير بعد نشرة الثالثة والنصف عصراً من راديو عدن، لا ينسى تقرير الأرض المحتلة، وكان مُعِدّه يدبّجه بالجملة التحررية، والعبارة الثورية. 

 وقد حُفِرَ في حنايا أرواح أبناء الجنوب إسم فلسطين، ثم جاءت مرحلة إستبداد الأنظمة وثورات الربيع، فخفت صوت القضية العربية الكبرى، وربما توارى، وادلهمّت ليالي فلسطين في غزّة والضفّة الغربية، ونسي العرب القضية، إلّا ما كان من مواقف الشقيقة مصر تجاه شعب فلسطين.

إبن الجنوب العربي الدكتور محمد الزعوري وزير الشؤون الإجتماعية والعمل حَرِص خلال مشاركته في مؤتمر العمل الدولي بمدينة جنيف السويسرية أن يعانق "الشال" الفلسطيني، وكأن أشواق عدن لليمون "يافا" قد حُمِلَت على جناح السفر، وهي عدن التي تُبغض الإحتلال، وقد خاضت معه تجارب مُرّة.

 وحين انبرى الوزير الجنوبي يهتف بإسم فلسطين في لحظة تضامنية مع عمّال الأرض المحتلة، وهو يبثُ الروح الجنوبية تحت سقف المؤتمر الدولي الذي حضره أكثر من 5000 مندوب من ممثلي حكومات وأصحاب أعمال وعمّال من 187 دولة حول العالم، بدأ إن طعم الحرية لذيذ، وتوِّج ذاك الحُب مجدداً بلقاء وزير العمل الفلسطيني نصري أبو جيش.

ما لم تدركه حكومة الشرعية، وربما لا تريد أن تتحدث عنه أن كلمة الوزير الزعوري في جنيف كانت إستثنائية في محفل دولي شَخّصت أوجاع البلد شماله وجنوبه، وأعطت صورة واضحة للعالم حول مايجري في اليمن.

كان الصوت قوياً وجريئاً في بلاد "الشوكلاتة" من وزير جنوبي صدع بالحقيقة التي طالما تلكأ في قولها كثير من الساسة في هذا البلد، وهو يفصّل أزمات البلد والتي منها تلك المرتبطة بمعيشة المواطنين، حين تحدث بصراحة وجرأة عن الإقتصاد المنهار والغلاء الفاحش وانهيار العُملة.

وهو الوزير الذي تحدث عن ممارسات المليشيا الحوثية أكثر من الرؤساء الثلاثة" مجلس القيادة، والوزراء، والبرلمان".

ويشهد بذلك ممثلي المنظمات الدولية والوكالات الأُممية الذين يلتقيهم في ديوان الوزارة.

أليس هو أول من دعا بنقل مكاتب المنظمات الدولية الرئيسية من صنعاء الى عدن، ونادى بإيصال المِنَح المالية المخصصة للمحافظات والمناطق المحررة الى البنك المركزي بالعاصمة عدن.

ما قاله الوزير الزعوري لم يستطع قوله أحداً من وزراء الشرعية..

ونحن نشهد بذلك، فقد كنا حاضرين معه جميع لقاءاته بممثلي المنظمات والوكالات الدولية، وكان يقول الحقيقة بدون مواربة حتى يصمت الضيوف.

وصدق من قال "إن المعالي لا تُنال بالأحلام، ولا بالرؤيا في المنام، وإنّما بالحَزم والعَزم".

سأعلق على كلمة الدكتور الزعوري في مؤتمر جنيف كما قال أحدهم:

الرسوخ في فهم الكلمة، وصياغة المادة، ومقصود العبارة، ومدلول الجُملة، ومعرفة أسرار الحكمة..

فروح الروحِ أرواحُ المعاني

وليسَ بأن طعمتَ أو شربتَا..

* نقلاً عن صحيفة الأيام

مقالات الكاتب