الموسم الحوثي لتسميم أفكار الناشئة

مع بدء الإجازة الصيفية لطلاب المدارس دشن الحوثيون برنامجهم الصيفي لتسميم أفكار الطلاب بالطائفية المقيتة في سلوك متكرر اعتادوا عليه كل عام مستفيدين من الوضع السياسي والعسكري الذي سمح بإطالة عمر انقلابهم المشؤوم ، وبدأت حملة الترهيب والترغيب للأسر القاطنة في مناطق سيطرتهم لإلحاق الطلاب بهذه المراكز والدورات، ثم الزج بأكبر عدد منهم لاحقاً في محارق الموت ليعودوا لأسرهم في صناديق الموتى ، وفي حال نجوا من الموت يعودون وقد تشبّعوا بأفكار خبيثة تحولهم إلى قنابل موقوتة في أوساط المجتمع الذي تهدف المليشيات الحوثية إلى تمزيقه وضرب روابطه الاجتماعية ليسهل لها السيطرة عليه والتحكم بأفراده.

ليست المراكز والدورات الصيفية هي الجناية الوحيدة بحق الناشئة لكنها حلقة تضاف إلى سلسلة طويلة من الجنايات التي يرتكبها الحوثيون بحق اليمنيين بشكل عام والأجيال الصاعدة بشكل خاص ، فالتعليم في مناطق سيطرة الحوثي تم إفراغه من محتواه العلمي والمهاري وتحويله لوسيلة لغرس مفاهيم الطائفية وإقناع الطلاب بهرقطات السُلالة المقدسة ومزاعم الطائفة الطاهرة ، والمناهج المنتظر منها تجهيز الطلبة لمواجهة متطلبات الحياة العلمية والعملية وغرس الفضائل ونبذ الرذائل تحوّلت في ظل سيطرة الحوثيين إلى أوعية لتقديس السلالة والطائفة ونشر الكراهية والحقد ، وإعادة إنتاج الطبقية الاجتماعية التي ما أنزل بها من سلطان.

منذ انقلابهم المشؤوم في العام 2014م حرص الحوثيون بوسائل متعددة على تغيير الهوية اليمنية القائمة على التعايش والمساواة وتحويلها الى هوية مستوردة تقسّم المجتمع الى فئات تزرع بينها صراعاً مريراً يجعل أفراد المجتمع في حالة دائمة من عدم التوافق ، وتختفي حالة التعايش والسلم الاجتماعي التي تعد هي الضمان الأكيد ليتشارك الناس في بناء البلدان الحديثة وضمان استقرارها وتطوّرها ، فيما يريد الحوثيون بأفكارهم المستوردة تقسيم المجتمع الى قِلة مسيطرة ومتحكمة تستأثر بالحُكم والموارد والمزايا وتدّعي حقاً إلهياً مزعوماً ليس من المنطق ولا العقل الحديث عنه ما بالك بمحاولة تطبيقه ، فيما يريدون بقية المجتمع وهم الكثرة عمالاً عندهم لاغير لايملكون ولا يتكلمون ، ولأجل هذه المفاهيم المسمومة عدّلوا المناهج التعليمية ويقيمون المراكز والدورات الصيفية في محاولة لاقناع الناشئة بهذه المتناقضات التي لا يقبلها عقل ولا نقل ، ولم يتقبلها اليمنيون على مدى قروناً عديدة وهم اليوم أشد رفضاً وأكثر مقاومة لها.

إن أقل واجب يستلزم المقيمين في مناطق سيطرة هذه المليشيات الطائفية هو تحصين أبنائهم من هذه الأفكار الطائفية ، وإبعادهم عن هذه المراكز والدورات حتى لا يتحولوا إلى قنابل موقوتة وألغام مزروعة للحاضر والمستقبل ، والسعي لاستغلال الاجازة الصيفية عبر إكساب الناشئة المعارف والمهارات التي يفتقدونها في مدارسهم وجامعاتهم كنتيجة لإفراغ النظام التعليمي من محتواه ، ومن الحكمة وحسن التدبير لدى الأسر السعي للحفاظ على الهوية اليمنية الخالصة ، وتحصين الأبناء من كل الأفكار المستوردة التي يعمل الحوثيون على تغليفها باسماء براقة ، ويستخدون المراكز والدورات الصيفية لزراعتها.

دمتم سالمين..

مقالات الكاتب