الحل في التغيير.. ولكن!
حينما تصاب الدول بالأزمات أو يحدث الفشل سرعان ما يسارع الرؤساء إلى التغيير إما بإقالة الحكومات وتعيين حكومات جديدة أو اتخاذ إجراءات إصلاحية صارمة من شأنها معالجة الأزمات والحفاظ على سمعة القيادة والسلطة في نظر الشعب والعالم.
وفي اليمن تحدث الأزمات وتتسع وتكبر ولا نسمع عن أي تحرك حتى أن الحكومة الجديدة التي ينتظرها الناس تخرج إلى النور لم تأت بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد وإنما بسبب الصراع السياسي والعسكري بين المتطلعين إلى السلطة، مع العلم أن الأزمة الاقتصادية المتمثلة بانهيار سعر صرف العملة المحلية وما يترتب على ذلك من الإضرار بالحياة المعيشية للشعب أصبحت اليوم قضية هامة، بل أم القضايا.. لكن للأسف لم تحرك القيادة ساكنا في إيجاد معالجات سريعة لها، وكأن حياة الناس ليست في سلم الأولويات.
خلال الأربع السنوات الماضية تم تعيين أربعة رؤساء للبنك المركزي اليمني، إلا أن مشكلة انهيار العملة ظل مستمرا، فالتغيير هنا شيء جيد لكن يفترض أن يكون إلى الأفضل وليس لاجترار الهزائم والفشل، وفي المرة الأخيرة تم تعيين رجل كبير في السن على رأس البنك سبق تعيينه من سابق وفشل وهو يقضي أيامه في الرياض إلى جانب القيادة هناك، بينما مجلس الإدارة لم يتمكن من إحداث نقلة في عمل البنك تساعده في السيطرة على العملة المحلية والحفاظ عليها من التدهور، فتحولت العملية المصرفية برمتها إلى فوضى.
هناك كثير من الكوادر الاقتصادية المهنية في الجامعات اليمنية يمكن الاستعانة بها لإيجاد حلول للازمة الاقتصادية، لكن كما يبدو أن السلطة لا تريد سوى المقربين منها أو الذين تنتجهم الأحزاب السياسية وكأن السلطة حكرا عليهم وكأن الكوادر المؤهلة والمستقلة لا مكان لها في خدمة بلدها.
لقد تفاءلنا كثيرا بالشباب المحيطين بالرئيس هادي، وقلنا سيكون لهم دور في عملية التغيير التي تحتاجها البلاد وفي مقدمتهم مدير مكتب الرئاسة الدكتور عبدالله العليمي القادم من ساحات التغيير، لكن للأسف لم نلمس لهم تأثير طول السنوات الماضية، وكأن عمليات التعيينات تتم بعيدة عنهم أو تأتي من أعلى وربما أيضا تفرض على الرئيس نفسه.
عندما تصاب الدول بالعجز أو الفشل فإن الحل يكون في التغيير ولكن التغيير الذي يبني وينجز الحلول وليس التغيير الذي يراكم الفشل ويسد قنوات التحول، وعلى الرغم من الثورات الشعبية التي انطلقت في اليمن تطالب بالتغيير والتحرير إلا أن التغيير لم يحدث بالصورة المطلوبة، وهذا في تصوري يعود لطبيعة النظام الذي جاءت به الثورات والقادم من صلب النظام السابق والذي عجز عن إنجاز عملية تغيير حقيقية ومفيدة او الحفاظ على الموجود وظل يكرر فشله وإخفاقه في كل مرة.
يا جماعة، الأزمة الاقتصادية هي التي تستحق اهتمامنا اليوم حكاما ومحكومين، وينبغي التحرك السريع لوضع حد لها قبل أن تتفاقم أكثر وتذهب البلاد في مهب الريح.