فلنتحدث مع أنفسنا

منذ التمرد العسكري الانقلابي و اليمن تعيش وضعا استثنائيا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

الأوضاع الاستثنائية تفرض على المسؤولين الرسميين في الدولة و الحكومة، و القيادات السياسية في الأحزاب، و في المجتمع بكل مكوناته ؛ تفرض عليهم أن يتفقوا على قائمة مهام محددة بصرامة و مصداقية، يتفق عليها الجميع، و يتحمل مهام و مسؤولية تنفيذها الجميع .

في مثل مانحن فيه من أوضاع، و أمام ما علينا جميعا من  واجبات و  مسؤوليات جسام؛ فإن عقلية الضرّات يجب أن تختفي، و جرجرة الصغار للكبار إلى وحْل المشاكسات و تصفية الحسابات ، لا يصح، و لا ينبغي ، فمماحكات الصغار اليومية، تشعلها مناكفات المراهقة ، و تهور الطيش ، و عنتريات التحدي، فتتغلب تعبئة الإثارة - التي يتبناها الصغار و المراهقون - على عقل الكبار و توازنهم المفترض ، فينزل الكبار إلى مربع الصغار ، تماهيا مع العقلية المراهقة، و إرضاء للصغار بهدف كسب ودهم، و يحدث كل ذلك على حساب قائمة المهام الكبرى، و الأهداف ذات الأولوية، فتغيب التوعية و يغيب التوجيه الراشد .

وبجملة اعتراضية ؛ ما كل كبيرٍ كبير ، فالذي تخيّل نفسه حبة قمح ستأكلها الدجاجة، فشلت كل  المحاولات لإقناعه بأنه رجل، متذرعا بقوله من يقنع الدجاجة  !؟ و بعض( الكبار ) تدفع به رياح ( صناعية ) إلى مواقع متقدمة، لكنه يظل يعمل بعقلية ذلك الموقع القديم المتواضع ، انتهت الجملة الاعتراضية .

التحدي عند الصغار يكون همهم تحقيق نتيجة التحدي و لو على حساب أهم الأهداف، إذ المهم لديهم إرضاء غرور النفس و الشعور بالانتصار !

يحسن الصغار توتير الأجواء، و يحسنون بشكل أكبر و مستمر شحن وتعبئة بعض (الكبار)، و تكبر مصيبة هذه التعبئة عندما تجد توفر القابلية لدى أولئك البعض من الذين تظنهم ( كبارا ) ! 

تعيش اليمن أوضاعا استثنائية . هذه الأوضاع الاستثنائية الأصل أنها توحد الصفوف، و تحدد الأهداف و المهام التي تحصر في إزالة أسباب الأوضاع الاستثنائية ، و لن تتحقق هذه المهام و الأهداف إلا بأن يتبنى تنفيذها الكبار الحقيقيون ؛ الذين يسابقون هممهم نحو القمم، و لا يسحبهم الصغار نحو القعر .

علينا كيمنيين أن ننظر بعين التأمل العميق، إلى ما تقوم به أنظمة التطبيع مع الكيان الصهيوني، و نتساءل كيف أزالت و تجاهلت، كل المخاوف و المحاذير، و الأخطار الصهيونية ، بل و أدارت ظهرها للقيم و المبادئ، وللوطنية و العروبة و الإسلام، و تجاهلت العداء الصهيوني المترسخ ضد العرب، و الذي لن يغير التطبيع معهم شيئًا من مشاعر الكراهية الحاقدة تجاه العرب ، مهما تزلف المطبعون ؛ و مع ذلك تناست أنظمة التطبيع كل ذلك و مدت يدها للكيان الصهيوني الغاصب للأرض العربية الفلسطينية  . نحن كيمنيين - في معسكر الشرعية - أولى بأن نتجاوز خلافاتنا، و هي لا  تذكر بمقارنتها بالعداء مع الكيان الصهيوني . لقد قفزت تلك الأنظمة على كل دواعي عدم القفز، و ارتمت في أحضان العدو الماكر ، بينما نحن أمامنا جميعا كل دواعي و دوافع و ضرورات القفز إلى أحضان بعضنا بود و حب و أرضية واسعة مشتركة.

تجرأت أنظمة عربية جُرْأة غير محمودة ، و وضعت يدها في يد أعدا أعدائها من الصهاينة ، هذا يدفعنا بحزم و حسم إلى أن نراجع حساباتنا فنمحو تلك الخلافات الساذجة بين أحزاب و قيادات قوى الشرعية ، فنحن أولى بالتصالح و التسامح و التكاتف .

أمامنا هدف كبير هو إسقاط المشروع الظلامي للكهنوت الحوثي، و مهام الجميع تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، و مهمة الكبار اليومية توجيه المسار نحو هذا الهدف ، بحيث يصبح الجميع رجالا و نساء، و شبانا و شيبا في خندق الهدف الكبير و المهام الكبيرة.

فهيا لنتحدث مع أنفسنا بصدق و مسؤولية، و ترك معارك الضياع الجانبية التي تخدم مجانا و بكل امتياز مشروع الكهنوت الحوثي لا سواه.

مقالات الكاتب