تداركوا أبين قبل الرحيل الأخير

اليوم تأبط الجنوبيون شراً، وامتشق كل واحد منهم خنجره، ليذبح أخاه، اليوم رمال أبين تتشرب دماً، وتفوح رائحة الحرب في صحراء أبين المحرقة، اليوم قرعت الحرب طبولها، وكشرت عن أنيابها، وسقط شباب هم في ريعان شبابهم، وضاعت أحلامهم في سبيل تحقيق رغبات الساسة، اليوم عدن تستقبل قتلى الحرب لتدفنهم مع صرعى الوباء المستشري فيها، اليوم الأبينيون يدفنون فلذات أكبادهم في معركة تدمير أبين، اليوم القوات تقترب من بعضها ليعلنوا الجولة الأخيرة للقتل الجماعي، اليوم حسان على موعد مع سيل، ولكنه سيل باللون الأحمر القاني، حسان اليوم على موعد مع سيل الدماء الجارف، وستظل معركة الشيخ سالم لعنة في جبين من أشعلها، سنظل نذكر هذه القرية كلما مررنا فيها، سنذكر شبابنا الذين قضوا نحبهم في هذه الرمال المحرقة، سيذكر الأب ابنه، وسيذكر الصديق صديقه، وسنسمع نحيب الأمهات عندما يمررن بمنطقة الموت هذه، سنظل نتذكر مقدراتنا التي أحرقناها في هذه الرمال التي لا ترحم، سنظل نتذكر محرقة حسان في شهر رمضان، فتداركوها، تداركوا أبين قبل الرحيل الأخير.

فخامة الأخ الرئيس المشير عبدربه منصور هادي، الأخ اللواء عيدروس قاسم الزبيدي أتوجه إليكما بهذا النداء، وقد يكون في استجابتكم له حقن للدماء، والحفاظ على زنجبار، وعدن من التدمير، فتدمير المدمر عبث واضح، والمزيد من الدماء فيه هلاك للشعب المطحون، والهالك أصلاً، فاليوم دباباتكم ومدفعياتكم، وكل أسلحتكم تدك أبناء شعبكم، وتسفك الدماء البريئة في شهر الرحمة، والمغفرة، فأوقفوها، أوقفوا أصوات المدافع، وزمجرة جنازير الدبابات، فقد أيقظت أحزاننا، أفكلما استبشرنا خيراً دكت الحرب ذلك الاستبشار؟! لهذا فإنني أتوجه إليكم لإلجام هذه الحرب العبثية التي تورث الأحقاد، وتسفك مزيداً من الدماء، فيكفي أبين ما مر بها، فلقد تشبعت بالدماء، كفاها خراباً، فلقد أتت الحروب على كل جميل فيها، كفاها نزوحاً، كفاها عذابات، وويلات، يكفي أبين جراحها، أفكلما تخاصم الساسة اتخذوها مسرحاً لحروبهم؟!

فخامة الأخ الرئيس هادي الأمل فيك بعد الله لإيقاف هذه الحرب، أخي اللواء عيدروس عد إلى تلك الصورة التي ظهرت فيها مع فخامة الأخ الرئيس، فكم بدت تلك الصورة جميلة، ونحن نتوحد تحت قيادة واحدة، أجلسوا وحكموا العقل، ولا تشكلوا لجاناً لحل المشاكل فالمشاكل فوق مستوى اللجان، ولا تتطلب إلا جلوسكما أنتما الاثنين، والاتفاق على حل لكل مشاكل البلاد، وما خرجتما به، يجب تطبيقه على الفور، فالبلاد موبوءة، والحروب تنخر في جسدها في كل مكان، فهي على وشك السقوط، وكلما طالت الحرب ستتولد الأحقاد، وستتولد الثارات، ولن يجد الجنوبي له ملجأ في وطنه، فالحرب ستقتله، والوباء سيهلكه، أوقفوا هذه الحرب، ولنصطف جميعاً ضد هذا الوباء الفتاك.

فخامة الرئيس هادي، واللواء عيدروس سيتفانى القوم، وبعدها سيجلس من تبقى للحوار، فلنقتنص الفرصة اليوم، واليوم اليوم، وليس غداً، فالوقت يمر سريعاً، والرؤوس تتطاير على مشارف زنجبار، وفي شهر رمضان، فرفقاً، رفقاً بالأبرياء، فأوقفوا الحرب، فإنها كريهة، قبيحة، والوطن يتسع للجميع.

مقالات الكاتب