صحفيون وكهنوت

صنعاء ويحك ما للظلم قد رسخت     آثامه فيك و استشرت خطاياه

      وسّعتِ  صدركِ للطغيان  يصنع  ما     يهوَى و عينيك تحميه و ترعاه 

هكذا وصف أبو الأحرار الشهيد الزبيري يوما - بقصيدة طويلة له - الكهنوت في تعامله مع الأحرار الذين كانوا ينتقدون حكم الطاغية، و تسلط الكهنوتية الإمامية.

وإن ما يستلفت أي قارئ لهاتين البيتين ؛ و لم يكن قد اطلع عليهما من قبل و لا عرف أنهما للشهيد الزبيري ؛ لانصرف تفسيره إلى أن البيتين تصفا سلطة الكهنوت اليوم في صنعاء.

فقد أصدرت مليشيا الكهنوت الإمامية - اليوم السبت - أمرا بالقتل  خارج القانون على أربعة صحفيين، فيما أمرت بالسجن على عدد آخر منهم، و زعمت أنها ستحتسب مدة الخمس السنوات التي وضعتهم خلالها بالسجن منذ اختطافهم من العقوبة، على أن يظلوا تحت المراقبة الكهنوتية مدة ثلاث سنوات.

تذكرنا هذه الأحكام غير القانونية و الجائرة ، بما تصدره المحاكم الصهيونية بحق أحرار فلسطين . و لم يفت السلطة الكهنوتية - في صنعاء  - أن تصدر أمرها  يوم ( السبت ) ليكتمل التشابه - بين الطرفين الوحشيين - مظهرا و جوهرا !

إنه السلوك الطبيعي للإمامة الكهنوتية، سواء في إمامة بيت حميد الدين،  أو بيت بدر الدين، أو ممن سبقهم .

و المحصلة لدى الطغيان الكهنوتي بالأمس و اليوم، هي أنهما عصابة ظلم و تنكيل، و معاداة كل ما له صلة بالثقافة ، و العلم ، و التنوير ؛ و لذا فإن مما شملته تلك  الأوامر غير القانونية و الجائرة؛ مصادرة المضبوطات !!

ترى ما هي تلك المضبوطات الخطيرة التي أجّلت محاكمة عشرين صحفيا طيلة خمس سنوات عجاف بعد اختطافهم.

بالطبع، فإن تلك المضبوطات ليست أسلحة و لا ذخائر، و إنما وسائل إعلامية و تثقيفية، أقلام، و آلات تصوير، و ربما كمبيوترات ، و يحتمل أن تكون مع بعضهم آلات تسجيل !

مضبوطات في عرف مثقفي الدنيا، و رجل الشارع البسيط  في العالم،  أنها أدوات معرفة، و لكنها لدى الكهنوت أدوات خطيرة ؛ بل و خطيرة جدا.

يروي الأجداد أن أحمد ياجناه، و هو لقب للإمام أحمد حميد الدين، أنه زار مديرية المسراخ بتعز، و كان مما زار( معلامة) كان بها عدد ممن يتعلمون القرآن الكريم و معرفة أولية لمبادئ الحساب، فكان أن سأل احمد ياجناه الفقيه الذي كان بتلك المعلامة أن يطلب من طلابها أن يقوموا بعملية الوضوء، فلما طبقوها، طلب من الفقيه أن يصلي بهم كاختبار لهم ، فنفذ الفقيه مع طلبته الطلب، عندها قال الإمام  : ما شاء الله،  علماء ! خلاص يكفيهم دراسة  !!

نعم فالدراسة في نظر الإمام خطر ، و أن يقرأ طلاب المعلامة القرآن بإتقان إضافة إلى معارف أخرى يستمرون في تعلمها كارثة، و بيت بدر الدين في هذا، هي بيت حميد الدين.

فالعلم خطورة، و الثقافة فجور، و الصحافة خروج عن الملة ، و آلة التصوير جريمة كبرى :

    فن من البطش و التنكيل مبتكر     خليفة الله للأجيال أهداه

و لهذا بكل وحشية، و بربرية، يصدر الحاكم ( المُلقَّن ) أحكامه الظالمة و الجائرة ، فتلك رغبة إمامية لتكشف عن وجهها القبيح، و لتعطي رسالة للناس أن هذا هو نهجها و منهاجها، و رثته أبا عن جد، إلى جدها الأسبق يحيى بن الحسين،  ولا سواه.

القوى السياسية، و منظمات المجتمع المدني، و المنظمات الحقوقية المحلية و الدولية، و المجتمع الدولي، و كل من له صلة بحرية الرأي،  مطلوب من الجميع اليوم، تحمل مسؤولياتهم، و التنديد بهذه الأحكام الظالمة.

وأما المبعوث الأممي إلى اليمن، فإن هذه الأحكام الجائرة،  تمثل اختبارا جديدا لوظيفته، و لمسؤوليته تجاه مهمته . و تضعه هذه الأحكام مرة أخرة على محك الواجب الإنساني،  و الواجب الحقوقي، و الموقف الأدبي و القانوني.

كل دعاة الحرية، و الحقوق الإنسانية، و دعاة حرية الرأي مطلوب منهم ترجمة ذلك إلى موقف عملي، فالجميع في محك الاختبار.

مقالات الكاتب