كسوف الشمس عابر

(1)

 الشمس و القمر آيتان من آيات الله لا يكسفان لموت أحد و لا لحياته) هكذا بكل جلاء و وضوح قال النبي صلى الله عليه و سلم، و ذلك حين أكسفت الشمس بعد موت إبراهيم إبن النبي عليه الصلاة و السلام فقال - حينها - بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، أنها أكسفت لوفاة إبراهيم.

و مع ما كان عليه النبى صلى الله عليه و سلم من حزن على موت إبراهيم، لكنه سارع بحزم إلى تصحيح التصور، و نفى - بقوة - أن يكون سبب الكسوف موت إبراهيم.

هذا الإيضاح الحاسم الحازم من النبي الكريم ؛ ينسف نسفا تاما كل ما يلفقه أصحاب التصور السلالي من أقاويل، و يجعلونها للحسين بن علي رضي الله عنهما، و ما للحسين من منزلة و مكانة لدى المسلمين عامة، لا يحتاج معها إلى تلك الخرافات التي يتقولونها.

فإذا كان  ابن الرسول عليه السلام يسارع النبي صلى الله عليه و سلم إلى  نفي فهم بعض الصحابة و ربطهم كسوف الشمس بوفاة ابنه، فكان ينبغي لتلك الفئة التي تستجدي بالحسن و الحسين أن ترعوي و تكف عن تلفيق تلك الخرافات التي هدفها من كل ما تتقوّله، هو أن تجعل منهما وسيلة للتكسب و ادعاء الأفضلية المطلقة على سائر المسلمين، حتى لقد بلغ الأمر ببعضها إلى جعل الحسين أفضل من الرسول عليه الصلاة و السلام  نفسه !!

فإذا كانت تلك الظواهر الكونية التي يدّعونها للحسين لم تحدث لوفاة أبناء الرسول، و نفى ما جرى من كسوف عند موت ابنه إبراهيم و أن لا ارتباط بين موته و الكسوف، فإن على خرافيي الشيعة التخلي عن خرافاتهم و أساطيرهم الممجوجة، و منزلة الحسين العالية تضر بها هذه الخراو لا يحتاجها.

   (2)
إن الشمس آية من آيات الله، و هي عنصر هام جدا لا تستغني عنها الحياة و لا الأحياء ، تهب الانسان الدفئ، و تعطي عالم النبات الحيوية، و تهب للدنيا الطاقة الشمسية التي ينتفع بها الإنسان.

وحيث هي آية من آيات الله فمحال أن تنطفئ أو تنتهي، إلا عندما يشاء الله  ذلك  حين تُكوّر إيذانا بيوم القيامة.

وحيث أن الشمس آية، فمحال أن يُطْفِئ وهجها بعض المخاليق، مهما صنعوا، و مهما حاولوا، و سواء قلّ هؤلاء المخاليق أو كثروا ؛ فستخور قواهم دون أن يكون لهم أدنى أثر في النيل منها.

حاجة الناس للشمس لا يمكن الاستغناء عنها، حتى أولئك المخاليق الذين يعميهم وهجها، و سطوع ضوئها، و لسعة حرارتها، هم في أشد الحاجة لها، فهم يعلمون كغيرهم أنها تقتل عنهم الجراثيم، و هم - ربما - في غفلة عن هذا الدور - على الأقل - أو متغافلين .

الكائن الميت لا يعطيك شيئًا، لكن الشمس سخرها الله لتهبك ضياء و حياة ؛ و لذلك يعرف كل منصف للشمس دورها العظيم في الحياة.

الشمس لا تكل، فهي تقوم بأداء رسالتها دون منٍّ أو افتخار، و دون توقف ؛ و ذلك شأن أصحاب المواقف و الرسالات، لا يَمُنّون بما يفعلون، و لا يغترّون بما يصنعون، و لا يتضجرون مما قد يعترض سيرهم، بل يصبرون و يصابرون، فتنجلي الغمة، و تزول الأزمة  . و الشمس قد يعترضها ما يحجب رؤيتها، أو يخفف من سطوع ضوئها، فيَرِيْنُ على أنظار  الناس غبش بسيط سرعان ما يتبدد، فيتلاشى بالوهج المشتعل، و الضوء المتوهّج.

الشمس سطوع، و ضياء، و حياة :
     وفي تعب من يحسد الشمس ضوءها   و يجهد أن يأتي لها بضريب !

مقالات الكاتب