ثورة سوريا تؤسس لنظام دولي جديد

لطالما كانت الأمم المتحدة بمنأى عن السؤال الوجودي على امتداد الستة عقود الماضية من عمرها مثلما هي كذلك اليوم..فلقد بات من اليسير رصد الهزات الأخلاقية المؤدية إلى تداعي بنيان مؤسساتها الشائخة وبالذات مجلس الأمن الذي لم يعد له من اسمه نصيب ..لقد كشفت اوضاع سوريا بكل تفاصيلها المرعبة أن ثمة مايستعدي وقوف مجلس الأمن إزاءه غير مسألة الانتهاك السافر لحقوق الانسان - الذي يعد أهم أساسات وجوده - خاصة إذا كان هذا الانسان يعيش في بلد ترى فيه الدول المالكة لحق الفيتو في (مجلس الأمن) كتلة بشرية لاضير من فنائها على الوجه الذي أدمى ويدمي قلب البشر جميعا في أركان الدنيا الاربعةوأقاليمها السبعة.

ولاتتعلق المسألة بموقف وفيتو روسيا أو غيرها من الدول مع النظام السوري مقابل إجماع امريكا وفرنسا وبريطانيا ضده في ظاهر الصورة..فمن الواضح أن هذه الدول مجتمعة ترى في الأزمة السورية وانعكاساتها على وضع المنطقة وبالذات اسرائيل معظلة كبيرة لم تكن لتملك التصور الواضع في التعاطي مع وضع معقد كهذا , فحين نقارن تحرك الموقف الامريكي والاوروبي إزاء ليبيا وتلكؤه الواضح تجاه سوريا نرى أن هذه الدول مجتمعة ترى في موقف روسيا شماعة تعلق عليها تقاعسها عن أداء دورها الذي تتخذ منه مكانها في امتلاك مفاتيح السلم والحرب وحل نزاعات العالم وحماية حقوق الانسان..الآن تتجلى أكذوبة مجلس الأمن كما لم تتجلى بهذا الوضوح واكتملت شروط البحث عن نظام دولي جديد وبالطبع بعد ان تفضي الأزمة السورية المستفحلة إلى حرب اقليمية تحاول الدول الكبرى أن تكون في وضع المراقب فيه من بعيد شرط أن لايمس اسرائيل ..ومايجدر ذكره ان هذه الاحداث تبشر بولادة مشروع عربي على أسس ومضامين جديدة تكون فيه لاعبا محوريا في تحديد مسارات العلاقات الدولية ومستقبل العالم بشكل عام.

رئيس الدائرة الاعلامية لمجلس تنسيق القوى الثورية الجنوبية

مقالات الكاتب