الرئيس اليمني بين القبيلة والدولة
اتخذ الرئيس عبد ربه منصور هادي قرارات شجاعة لا يقدم عليها في اليمن إلا الرجال. اليمن تعيش منذ ثلاثين عاما في ظل حكم يقوده أنصاف متعلمين لا يهمهم الوطن وسيادته واستقلاله وتقدمه وسمعته وإنما تهمه مصالحه ومصالح أسرته ثم مصلحة القبيلة التي تخدم مصالح الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأسرته.
إن القرارات التي اتخذها الرئيس عبد ربه منصور في إعادة هيكلة الجيش اليمني وإبعاد أسرة الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن القيادة، وبالتشكيلة الجديدة للقوات المسلحة اليمنية يكون اليمن أخذ الخطوة الأولى نحو بناء الدولة اليمنية ابتداء بتوحيد القوات المسلحة والقيادات الأمنية. أن تلك القرارات تحتاج إلى تأييد الشعب اليمني الشقيق بكل طوائفه وأحزابه والتعبير عن الرضا العام بتلك القرارات عبر مسيرات شعبية واحتفالات وطنية تعم جميع المدن اليمنية. أفراد القوات المسلحة في تشكيلهم الجديد وكل العاملين في مجالات الأمن في اليمن يجب أن يكون ولاؤهم للدولة اليمنية وليس للحاكم لأن الحاكم متغير والوطن ثابت لا يتغير، أعني الجغرافيا. ملاحظة هامة أسوقها في هذا المجال أنه لا يجوز معاملة الوحدة العسكرية وقيادتها التي وقفت تحمي شباب الثورة في الميادين، أعني الفرقة الأولى مدرع، معاملة من أشهر السلاح ودفع بالبلطجية للنيل من شباب الثورة وقتل منهم الكثير، هؤلاء الرجال الذين ناصروا وحموا الشباب يجب أن نكن لهم كل احترام وتقدير وأن لا نقف عند الماضي، وفي تاريخنا العربي الإسلامي العبر، فخالد بن الوليد هزم جيش الرسول محمد عليه السلام في موقعة الخندق وكذلك في غزوة احد، كان منتصرا في كل حروبه في زمن الجاهلية ثم اعتنق الإسلام وشارك في معارك المسلمين في موقعة مؤتة وفتح مكة وكان قائدا منتصرا لقبة الرسول عليه السلام " سيف الله المسلول " ما قصدته هنا هو أن لا نبخس قادة اللواء الأول مدرع مواقفهم مع الثورة ولا نمعن في اجترار الماضي الكئيب.
(2)
الرئيس السابق على عبد الله صالح لا ننكر أنه عمل مع رجال اليمن الشرفاء على توحيد اليمن شماله وجنوبه، لكنه بكل أسف أساء ذلك العمل الصالح " الوحدة " واعتبر اليمن الجنوبي ارض محتلة وراح يوزع ممتلكات أهل الجنوب الفردية منها والعامة كغنائم حرب توزع على أقاربه وأنصاره ومساعديه، وراح يعزل كل الإدارة العامة والجيش والأمن في الجنوب كما فعل برايمر في العراق عندما حل مؤسسات الدولة العراقية. أنه بلا جدال ارتكب أكبر جريمة سياسية في حق الشعب اليمني الشقيق سواء في الشمال أو الجنوب ولكنه كان ظالما لأهل الجنوب وحاقدا ولا بد من رفع الحصانة عنه وعن كل من منحتهم المبادرة الخليجية ذلك الحق وجره إلى ميدان العدالة والقصاص منه.
نشرت بعض الصحف أن عبد الله صالح بارك قرارات الرئيس منصور هادي في هيكلة الجيش وقيل أن ابنه أيضاً فعل فِعل أبيه، ولكن كما يعلم أهل اليمن بان هذا الرجل على عبد الله لا يؤتمن ولا يوثق في أقواله وأنه سيعمل على تخريب اليمن بما يملك من أموال المفروض أن تكون جمدت كي لا تستخدم للعبث بأمن اليمن وكان مفروضا في مبادرة الخليج حرمانه من العمل السياسي، ورغم مباركته للمبادرة الخليجية وهيكلة الجيش إلا أنه راح يهاجم رئيس الوزراء باسندوه بقوله أنه لم يقدم شيا لليمن، إذا كان ذلك القول سديدا فإن السبب يعود إلى أن نصف السلطة التنفيذية هم من أتباع عبد الله صالح وهم أكثر من يعيق أي عمل إيجابي وأن رئيس الوزراء باسندوه لم يختر فريق عمله وإنما فرضوا عليه ضمن تركيبة حزبية جاهلية لم تكن مصالح اليمن والشعب هي الأساس بل كانت المصالح الحزبية ذات النظرة الضيقة هي الأهم.
(3)
الحوثيون وخروجهم على قرارات إعادة تنظيم الجيش اليمني ليكون جيش الدولة اليمنية أمرا في غاية الغرابة فهم متهمون بأنهم اليد الطولى لعلي عبد الله صالح استخدمهم وسلحهم ومولهم ليكونوا في مواجهة السلفيين في اليمن، وراح يسلح ويمول السلفيين لمواجهة الحوثيين الامتداد المذهبي لإيران واستعدى السعوديون ضدهم تحت ذات الذريعة، وقولهم أن هيكلة القوات المسلحة اليمنية عمل أمريكي لخدمة المصالح الأمريكية أنه قول باطل جملة وتفصيلا لأن مصلحة أميركا أن لا يكون لليمن جيش وطني موحد يعمل لحماية سيادة الدولة وسيادة قراراتها.
المطلوب من الحوثيين وقياداتهم أن يناصروا وحدة اليمن بتوحيد كل الجهود من أجل بناء اليمن الحديث من أجل التنمية والأمن والاستقرار أن دبلوماسية اختطاف الأجانب من شوارع اليمن والمظاهرات المسلحة في الشوارع وقطع الطرقات لا يحقق لكم التقدم والازدهار والسمعة الدولية الحسنة،اعملوا لتشكيل حزب سياسي للحوثيين يناضل سلميا من أجل بناء اليمن والوصول إلى السلطة عن طريق برنامج عمل سياسي اقتصادي وليس مذهبي طائفي.
آخر القول: جنوب اليمن يحتاج إلى وقفة حكماء من أجل تصحيح مسار الوحدة ورد الممتلكات الخاصة والعامة إلى أهل الجنوب ورد اعتبار لما لحق بهم من ظلم وتهميش وحرمان.
عن الشرق القطرية.