باتجاه الخروج من المأزق الكبير
سنة مرت على المبادرة ، والمشكلات السابقة تتفاقم وتيرتها . ولا يزال وضع اليمنيين معلقاً تماماً ، ما يضر بحاضر ومستقبل البلاد على نحو باهظ . غير أنه لا حيثيات شرعية يمكن أخذها فعلياً في الاعتبار الآن كمبرر موضوعي على تأخر الرئيس مثلاً عن ممارسة صلاحياته الشرعية الكاملة بشكل حاسم مهما كانت الاعتقادات والاختلافات والتباينات التي يصطدم بها .
فالثابت أن الذين لا يبذلون جهوداً دافعة لمؤازرة عبد ربه في المشترك لا فرق بينهم وأولئك الذين لا يتجانسون معه في المؤتمر أيضاً، متعمدين إفشاله. والأنكأ أن لدى هؤلاء- كما تفيد الوقائع والدلائل- جملة هواجس وحسابات سلبية مؤسفة ، بل إن منهم من يؤثرون مسبقاً في نوايا الرئيس -حسب تصورنا -باستمرار تدفقهم بسياساتهم المعقدة تلك .
صحيح أن عبد ربه قد يكون بين كماشة متوارثة رهيبة الآن ، إلا أن بقاء الوضع كما هو يعني سقوط الدولة وفشل كل أحلام اليمنيين التي حملتها ثورتهم وجاء الرئيس نتيجة لها في الأصل .
وبالتأكيد، ثمة عرقلات لا مبررة تحاول التشنيع بقدرة عبد ربه كرئيس متردد، هي المتجسدة منذ الشهور الأخيرة كما هو واضح ، إضافة إلى حشد ضياع فرص مهمة يتحمل مسؤولية هدرها هو في المقام الأول .
فالمتفق عليه أن الرئيس هو الجزء الأهم من المعضلة للأسف ، بينما القوى الدولية لن تقف معه مادام لم يقف مع نفسه كما يجب . ثم إن فترة التخدير أو التسويف سيعقبها يقظة عارمة لا يمكن السيطرة على غضبها، بحيث لا تتطلب المرحلة الأكثر حساسية في تاريخ اليمنيين المعاصر سوى قرارت جريئة ومباشرة من الرئيس.
لكن، هل يعتقد الرئيس أن من الممكن تأمين مؤتمر حوار سليم في ظل سيطرة مراكز القوى العسكرية على صدارة المشهد ؟ لا يمكن بالطبع؛ لذلك فقط كان اليمنيون وجدوا أنفسهم حين تلبدت الآفاق أمامهم -وهم بلا حيلة حقيقية حينها- يأملون بفترة انتقالية نموذجية عبر شخصية غير مستلبة ذات إجماع تتقدم صناعة الدور القيادي الجديد في البلاد بما تشتهيه سفن روح الثورة، غير أن الكلمة الفصل لا تزال لرياح تقديرات مخيبة للرجاء تمارس ضغطها- كما يرى كثير مراقبين- على إمكانية تفعيل سياسات وقرارات عملية وحيوية ينبغي أن يشهرها الرئيس بالضرورة، خصوصاً في اللحظة الوطنية الضرورية التي لاغنى عنها، حتى وإن تأخرت قليلاً.
والمفارقة أن الولاءات السيئة في الجيش لاتزال كما هي. كما أن بنية الدولة المالية والإدارية تزداد تدهوراً بترسخ الفاسدين، ما يعني أن سياسات التأجيل للقرارات الموضوعية المأمولة أو التردد بشأنها لا تطاق الآن، إضافة إلى أنها صارت سياسات فوق احتمال طاقة اليمنيين الحالمين الذين خُذلت ثورتهم كثيراً، بل لعل مختلف مراكز القوى المعيقة التي غايتها إنعاش نفوذها مجدداً والعودة بالأوضاع إلى النقطة الصفر عبر التعويل على تفاقم المشاكل صارت تبدو كأن وسيلتها في ذلك هي العمل من أجل ازدهار أداء الرئيس باللاجدوى وبإنتاج بالخيبات ، فيما هو الأداء الذي كان الشعب راهن عليه تماماً كـ أمل فذ ومقتدر لعدم الرضوخ لشروط اللؤم في الواقع باتجاه الخروج من المأزق الكبير.
من صفحة الكاتب على"فيس بك"