فيدرالية الإقليمين هي الطريق الثالث بين ثنائية الانفصال والوحدة

الحل المتاح هو دولة اتحادية من إقليمين ،مع لامركزية إدارية داخل كل إقليم ، لتحافظ الدولة اليمنية على إطارها الجغرافي وهويتها اليمنية ومصالح وبنى مجتمعاتها المشتركة من خلال المحافظة على سلامة كلا الإقليمين كلّاً على حدة ،في إطار الحفاظ عليهما مجتمعين..
يجسد الإطار الاتحادي الحل الحقيقي من وجهة نظر المتاح الأمثل ، كطريق ثالث يكسر المعادلة الصفرية في هذه الثنائية ، لحل مشكلة الاتصال والانفصال بين دولتين فشلتا في سياسة وتأسيس مشروع وحدة مندمجة انتهت بكارثة حرب أهلية مدمرة ، وهي ستفشل أكثر في حال التشضي والجري خلف العواطف الحماسية القاتلة مرة أخرى لمن يخشى على وحدة معطوبة لاتمتلك مقومات الوحدة الحقيقية ، أو من يسعى لفك ارتباط ميكانيكي لم تعد روابط وعناصر أوصاله الذاتية كما كانت من قبل..

 

إن المرحلة الحرجة التي يمر بها البلد بمجموح أجزائه يتطلب من طبقته السياسية ونخبه الثقافية والاجتماعية النظر إلى المصلحة الوطنية بموضوعية وبالتالي السعي لحل المشكلة في شكل ومضمون هذه الدولة ،من خلال مبادئ وأسس تشريعية تحلّ عقدة الاشتباك ومعظلة الاختلال ، وبالتالي الشروع الآمن لانتقال جديد يؤسس لمرحلة جديدة قادمة لبناء الثقة المفقودة أولا ، ومن ثم الشروع لبناء هيكلي سياسي وإداري واقتصادي علمي مدروس بناء على الخصوصية والتنوع والتمييز الايجابي للجنوب بالذات ،لاستعادة كل بُناه المؤسسية المدمرة ماديا ومعنويا والمعطلة سياسيا وأمنيا واقتصاديا وعسكريا..

 

آن الأوان لمنظومة العمل السياسي أن تفقه دورها ومسئوليتها الوطنية والتاريخية وأن تفرق بين التنافس والصراع على السلطة الذي دمر مشروع الدولة بسبب مماحكاتها وعدم قدرتها على حماية المكتسبات ورص الصفوف ،ناهيك عن تركها للفراغ الذي استغلته العصابات والمليشيات وصادرت السلطة والدولة والسيادة والعمل السياسي ، وقد رسمت بكل هذا التلطيخ ملامح هذا الوضع الشاذ الذي نقف فيه على أطلال دولة بين مطرقة الموت وسندان اللّاحياة.

 

إن هذا التوقيت الحاسم واللحظات الحرجة تتطلب من كل أبناء اليمن أحزابا ومكونات ومجتمعات محلية (في كل أنحاء الوطن) تقدير الموقف العام ،بعيدا عن المكايدات الأنانية والمزايدات العدمية الانتهازية والشعارات التي لاتفرق بين السلطة والدولة ، والالتفات في خضم هذه التحديات والتداعيات إلى مسألة أساسية وجوهرية في المستقبل المنظور لبلورة مواقفها في إطار عملها الوطني المشترك ،لإتاحة الفرصة للمجتمعات المحلية في التقاط أنفاسها لبناء ذاتيتها وتنمية بيئاتها الداخلية للقيام بواجبها الطبيعي في ردم الفجوات القابلة للاتساع وملئ الفراغ الذي يعنى تركه انهيار ماتبقى من كيان للدولة وتماسك نسيج المجتمع وبالتالي الولوج إلى زمن الجيوش الصغيرة وأمراء الحرب..

مقالات الكاتب