التطرف الجنوبي للمرة الثانية يأتي من بيروت!
يبدو أن التاريخ يعيد نفسه بالنسبة للشعب الجنوبي , فمن هو مطلع على تاريخ ثورة 14 أكتوبر دون شك لديه ادراك أن التطرف الجنوبي اليساري المتشدد كان مصدره الاساسي بعض قيادات حركة القوميين العرب في العاصمة اللبنانية بيروت, فأتباعها في الجنوب كانوا هم اصحاب شعار( يمن ديمقراطي موحد نفديه بالدم والارواح( و( وثورة .. ثورة لا اصلاح ) ... الخ من تلك الشعارات غير العقلانية التي جعلت شعب الجنوب يعيش فترة كوارث مؤسفة.
واليوم نجد منطلق التطرف الجنوبي يأتي من بيروت وإن اختلفت مرجعياته النظرية وتقوده بعض الشخصيات الجنوبية المتطرفة في السابق , ومن توفى منها حمل رايتها ابنائها من بعدها لتردد شعارات لا تعي ابعادها . ومنها شعار ( لا فيدرالية لا حوار الشعب مصدر القرار) .
بل نجدها تذكر في الشريط الاخباري لما يسمى (بقناة عدن لايف) أن الشعب في الجنوب يخرج في مظاهرات رافضا للحوار. غير عابئة بأبعاد ومخاطر مثل هذا الخبر . وبهذا الشعار وغيره تظهر شعب الجنوب أمام الرأي العام الخارجي بانه رافضا لكل الحلول لقضيته بما فيها رفضه للحوار , الذي هو طريق لا مفر منه لحل قضية شعبنا . بل أنها زرعت في اوساط البسطاء من الناس أنه حتى الحوار الجنوبي ـ الجنوبي هو مؤامرة ضد قضية شعب الجنوب.
والبعض منها يردد أن اي حوار مع سلطات صنعاء هو ( دفن للقضية الجنوبية ) يا للهول من هذه العدمية . وكأن قضية شعبنا ضعيفة الحجة إلى الدرجة التي يخشى فيها الحوار مع الطرف الأخر , أو كأن شعبنا لا يمتلك القدرات البشرية القادرة على الحوار.
بشعارات التطرف تمكنت هذه العناصر من تمزيق اول حزب جنوبي رفع قضية شعبنا في الخارج وهو ( التجمع الديمقراطي الجنوبي ـ تاج ) ثم تمكنت مؤخرا من تمزيق مجلس الحراك السلمي الجنوبي , الذي كان أهم فصيل سياسي في قوى الثورة السلمية الجنوبية .
وها هي اليوم تسخرت كل امكانياتها المادية التي تحصل عليها من احد الاطراف الاقليمية للسيطرة على الساحات النضالية الجنوبية. حتى وصل الأمر إلى حد التهديد بالقوة والسلاح لأي قوى جنوبية تود أن تنشط على مستوى الجنوب.
الحقيقة أن مجموعة اشخاص جنوبيين متطرفين اتوا ليركبوا مسيرة الثورة الجنوبية سفاح دون وجه حق شرعي , وشعاراتهم هذه ليس حرصا منهم على قضية شعب الجنوب , وإنما لأنهم تريدوا احتكار حق تمثيل قضية شعب الجنوب أمام الرأي العام العربي والدولي , لأنه كان لهم شرف بيع الجنوب عام 1990م وشرف المشاركة في احتلال الجنوب عام 1994م. وكان الجدير بهم أن يحترموا ذاتهم ويتنحوا جانبا , ولاسيما بعد فشلهم في ادارة الحوار مع الطرف الأخر في الوحدة وفي حرب 19994م .
ومع الأسف ما يزالون يصرون على تكرار فشلهم . وهذا ما تجلى في كارثة يوم الأربعاء 24 أكتوبر 2012م عندما زار السيد جمال بن عمر ممثل الامم المتحدة عدن أعلن احد اشخاص هذه القوى أنه رفض مقابلة المبعوث الأممي . موضحا موقفة هذا في عدة اسباب واهية . بل مخجلة ومضرة بحق شعب الجنوب للأسباب التالية:
أولا: أن يقال أن الوقت غير مناسب للزيارة هو قول ساذج , وان تكون أي مقابلة للمبعوث الأممي مع الرئيس الشرعي للجنوب , وكأن شعب الجنوب يناضل من اجل اثبات شرعية رئيسه وليس من أجل اثبات قضيته.
ثانيا: عندما نقول عنها كارثة , فتصور عزيزي القارئ أن شعب الجنوب كل يوم ينادي الأمم المتحدة إلى الاعتراف بقضية , وعندما يأتي ممثلها إلى عدن يقال له لن نقابلك. بدلا من اعتبارها فرصة لإبلاغه عن رؤية شعبنا تجاه مختلف القضايا بما فيها الحوار . واعتبار زياته لعدن هي بمثابة اعتراف دولي بقضية شعبنا. وكان الجدير في اقل الأحوال الترحيب به . والتعامل معه كضيف عربي شقيق اولا , وكضيف دولي ثانيا. فالضيف إذا وصل إلى باب دارنا حتى ولو كان قاتل ابننا وجب علينا الترحيب به. لكن هؤلاء لا يفقهون شيئا لا بالأعراف السياسية ولا بالأعراف القبلية.
ثالثا: وهو الأهم أنه عند مقابلة تجمع ابناء الجنوب في صنعاء للسيد جمال بن عمر قبل عام تقريبا , وكانت اول مقابلة له مع طرف جنوبي تبين لنا ان الرجل مستوعب للقضية الجنوبية. بل يمكن القول انه متعاطف معها. وقد طلبت منه شخصيا أن يزور عدن ولو لدقائق, فلم يرد بصورة مباشرة , ولكنه ابتسم وقال ((انا مدرك لقصدك وأوعد أن اعمل على ذلك)) وبالفعل اوفى بوعده. وتحدث بأشياء كثيرة ليس داعي ذكرها.
رابعا: مثل هذا التصرف الرافض لمقابلة ممثل الأمم المتحدة الذي قد يعتبره البعض تسجيل موقف. نسأل الله أن لا يفقد قضية شعبنا تعاطف هذا الرجل الرائع كما فقدنا تعاطف المجتمع الاقليمي المحيط بنا.
خامسا: واخيرا نقول للعالم أجمع وللسيد جمال بن عمر على وجه التحديد أن هؤلاء لا يمثلون شعب الجنوب, وأن شعبنا الذي ناضل طوال سنوات ومازال يناضل سلميا مستعدا للحوار, ولكن الحوار الندي بين طرفي المعادلة السياسية الذي قامت عليها وحدة 1990م . وأن شعب الجنوب من حقه وحده أن يقرر مصيره.
وأن هذا الشعب لديه فريق تفاوض متكامل من علماء الجنوب العاملون في جامعتي عدن وحضرموت ومن مختلف التخصصات.. فريق تتبعه ايضا هيئة استشارية متكاملة . فشعب الجنوب لن يسمح للفاشلين بالتفاوض عنه.
اقرأ المزيد من عدن الغد | آراء واتجاهات | التطرف الجنوبي للمرة الثانية يأتي من بيروت! http://adenalghad.net/articles/3793.htm#ixzz2AWw0kSwt