مقابلة د.العليمي.. أمانٍ لم تتحقق!!

(1)

لم اتابع مقابلة الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس قيادة مشاورات الرياض على قناة العربية ولم أعتاد على شغل نفسي بما يصدر عن هذا المجلس لإدراكي أن من لا يمتلك استقلالية القرار لايستطيع الإتيان بشيء يخدم الوطن والشعب ، وإدراكي أيضآ أن هذا المجلس ليس إلا محطة انتظار لما ستفضي إليه مباحثات أطراف الإقليم مع جماعة الحوثي وبالتالي سيكون هناك وضع آخر قد لانرى فيه هذا المجلس بشكله الحالي .

(2)

ولكنني وأثناء تواجدي كمستمع في إحدى المساحات التي يديرها بعض المولعين بالتطبيل للعليمي ومجلسه اما بدوافع جهوية أو حزبية أو لمصالح خاصة جدا وسماعي للكم الهائل من التعبئة التي تضخه هذه العناصر لمحاولة إقناع الحضور بأن العليمي ومجلسه يمثلون طوق النجاة لليمن وتاريخه واستقراره وان مقابلة الرجل كانت مفصلية وضع فيها النقاط على الحروف رأيت أنه لابد من الاستماع لما قاله الرجل لعل انقلابا قد حدث أعاد الرجل ومجلسه إلى حضيرة الوطن !

(3)

الحقيقة أنني وجدت د. العليمي كما هو فقد ظهر في المقابلة متمسكا بموقفه كناشط سياسي ومصرا على عدم استيعابه لحقيقة أنه اصبح رئيسا لمجلس مكلف من قبل صانعية بأن يمثل دولة وتذكرت وأنا أتابعه ساعتها خطاب بعض أحزاب اللقاء المشترك بعد أن انتهى شهر العسل بينها وبين الرئيس الراحل صالح !!

(4)

تقيّد العليمي كثيرا بالتزامه بتكرار عبارة(جماعة الحوثيين الإرهابية)لدرجة شعرت معها أن الرجل يحاول إقناع نفسه قبل المتابعين بهذه الحقيقة ، أو أنه قد استلم توجيه قبل دخوله الاستديو بالالتزام بتكرار هذه العبارة التي تعاطى معها العليمي ومطبليه في المساحات التويترية وكأنها معلومة جديدة لايعرفها سواهم أو كأن استخبارات المجتمع الدولي كانت تنتظر ظهور العليمي لتعرف هذه الحقيقة!!

(5)

تذكرت وأنا أتابع حديث العليمي الرئيس جمال عبدالناصر وهو يلقي خطاب تأميم قناة السويس في العام ١٩٥٦م وتساءلت لو أن عبدالناصر تحدث حديث الناشط السياسي كالعليمي واكتفى باستعراض الخسائر التي تتعرض لها مصر جراء بقاء قناة السويس خارج سيطرتها وسيادتها واكتفى بالبكاء والشكاء تجاه ظلم بريطانيا وامريكا وذهب إلى منزله ولم يتخذ قرار تأميم القناة ماذا سيكون عليه الحال ، فمقابلات وخطابات الرؤساء والزعماء إذا لم تحمل قرارات تؤكد تلك الرئاسة والزعامة فانها تتحول إلى مقالات صحفية يمكن لأي ناشط سياسي القاءها وكتابتها ؟

(6)

كان يفترض بالعليمي أن لايقبل بالظهور في اي لقاءات وان يتجنب أي خطابات طالما وهو لايحمل في جعبته قرارات تضيف للواقع شيء جديد وملموس وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤلياته ويرسل من خلالها رسائل أهمها أنه هو ومجلسه يمتلكون قرارهم وأنهم قادرون على إتخاذ القرارات المصيرية لا أن يتحدث بلغة المعارض وهو يمثل مجلس يفترض أنه يمثل رئاسة اليمن رغم تحفظنا عليه !!

(7)

أورد العليمي الأرقام المالية التي يتم نهبها من قبل جماعة الحوثي وهي بالمناسبة ليست جديدة ويتداولها النشطاء يوميا على مواقع التواصل ، وتغافل عن الأرقام الفلكية التي تنهبها المليشيات المقابلة التي يتشكل منها مجلسه القيادي في محاولة لاقناع الرأي العام بأن النهب في عدن والمناطق الواقعة تحت سيطرة التحالف إنما هو عمل وطني أما النهب في صنعاء فهو مخالف للثوابت الوطنية !!

(8

تحدث العليمي عن الهدنة واسبابها واهدافها وفي سياق حديثه أشار إلى أن موافقتهم على الهدنة جاءت لفضح اكاذيب الحوثي أمام العالم وقال أن مجلسه وافق على مايخصه في الهدنة وأشار إلى فتح مطار صنعاء كخصوصية لمجلسة مع أن مطار صنعاء يقع تحت سيطرة الحوثي وهو من يمتلك قرار فتحه أو إغلاقه وفقا لمصالحه فإذا تطلبت تلك المصالح إغلاق المطار اليوم فستتم عملية إغلاقه فماهي إذا الأوراق التي يمتلكها مجلس العليمي لفتح المطار حينها؟

(9)

بشّر العليمي بوقف المرتبات في الأشهر القادمة متعللا بإرهابية الحوثي التي تمنع تصدير النفط رغم أن مناطق انتاج وتصدير النفط تقع تحت سيطرة التحالف الذي يفترض أن مجلس العليمي جاء ليمثل مصالحه وهنا ظهر العليمي معترفا اعترافا ضمنيا بفشل مجلسه وعجزه تماما أمام الحوثي وهو الأمر الذي يؤكد سطوة الحوثي وقوة تواجده ويؤكد في نفس الوقت ضعف هذا المجلس وحقيقة أنه مجرد محطة انتظار لرضاء الحوثي !!

(10)

في المجمل مقابلة رشاد العليمي لم تأتي بجديد ولن تصنع جديد سوى أنها اظهرت وجه آخر من وجوه المأساة اليمنية تمثل في العجز الذي يعانيه العليمي ومجلسه واكدت أننا على أعتاب مراحل صعبة قادمة إذا لم نشهد آلية جديدة وشاملة لاستعادة زمام الفعل في المعركة التي أصبحت كل خيوطها تقرببا في يد جماعة الحوثي !!

(11)

كنت اتمنى أن أسمع من العليمي حلولا لحقيقة الصراع الذي يعصف بمجلسه وان أسمع منه دعوة شجاعة للقوى الوطنية والاجتماعية التي اقصتها مشاورات الرياض إلى حوار وطني يجمع كل الطاقات ويوجهها صوب معركة استعادة الوطن وسيادتة ، كنت اتمنى مثلما ختم الزعيم عبدالناصر خطابه بتأميم قناة السويس أن يختم العليمي مقابلته باستعادة سقطرى واخواتها ، ووقف الفوضى والعبث في عدن وابين وشبوة ، وتحصين حضرموت من نفس العبث ، كنت اتمنى أن يظهر العليمي كرئيس دولة وليس كمعارض لرئاسة دولة يمثلها الحوثي !!!