اعتراف ايراني بتوريد الدمار إلى اليمن - ماذا ينتظر العالم بعد؟

مثلت التصريحات الأخيرة في الأسبوع الماضي للمتحدث باسم الجيش الإيراني العميد أبو الفضل شكارجي اعتراف رسمي هو الأول من نوعه بدور نظام الملالي في إيران في إدارة ودعم وتسليح الانقلاب الذي نفذته مليشيا الحوثي على الدولة والشعب اليمني ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل العام 2014، وسلطت الأضواء من جديد على دور طهران المزعزع لأمن واستقرار اليمن والمنطقة.

هذه التصريحات التي نشرتها وكالة فارس الإيرانية أكدت قيام إيران بتزويد مليشيا الحوثي بتقنيات إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة ونقل خبراء ومستشارين لمناطق سيطرة المليشيا، في تعدي سافر على مبدأ السيادة الوطنية، وانتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية، والقرارات الدولية ذات الصلة بالأزمة اليمنية وفي مقدمتها القرارين (2216) و(2511) وتهديد للأمن والسلم الدوليين، وتحدي لإرادة المجتمع الدولي في إنهاء الحرب وإرساء السلام في اليمن والمنطقة.

لقد عانت اليمن منذ عقود ولا زالت تعاني من التدخلات الإيرانية ومحاولاتها تصدير الثورة الخمينية عبر دعمها مليشيا الحوثي التي استهدفت منذ وقت مبكر منذ الحروب الستة التي شهدتها محافظة صعده سلطة الدولة وحاولت المساس بمؤسساتها وسيادتها على كامل أراضيها واستهدفت المؤسستين العسكرية والأمنية وخططت لضرب الاقتصاد الوطني والأضرار بالمصالح الحيوية في اليمن، ومحاولة تحويل الأراضي اليمنية إلى منصة لاستهداف دول الجوار واستهداف منابع الطاقة والسفن التجارية وخطوط الملاحة الدولية وإقلاق امن المنطقة والعالم.

ففي منتصف سبتمبر 2020 أعلنت القوات المشتركة في الساحل الغربي إلقاء القبض على خلية لتهريب الأسلحة الإيرانية، وبثت اعترافات لأعضاء الخلية بتلقي تدريبات في إيران وارتباطها بالحرس الثوري الإيراني.

هذه ليست اول مرة يتم اثبات يد ايران التخريبية في اليمن. حيث أحبطت قوات التحالف البحرية في 17 ابريل 2020 محاولة تهريب شحنة من الأسلحة الإيرانية على متن "دهو" قبالة سواحل محافظة المهرة شرق اليمن، وفي العملية الثانية تمكنت القوات البحرية التابعة للتحالف في 24 يونيو 2020 من إحباط تهريب شحنة أسلحة إيرانية قبالة سواحل اليمن "محافظة حضرموت". القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن أعلنت بدورها ضبط كميات كبيرة من الأسلحة المتنوعة الإيرانية بينها نواظير ليلية ونهارية ومضادات حرارية والأجهزة الخاصة بتوجيه الطائرات بدون طيار وقطع كهربائية للتفجير عن بعد والعشرات من القناصات والمعدلات والأسلحة المتوسطة كانت في طريقها لمليشيا الحوثي.

والأمر ليس مقصوراً على قوات التحالف بل أن القيادة المركزية الأمريكية ذاتها أعلنت ضبط البحرية الأمريكية في 19 فبراير 2020 لسفينة أسلحة إيرانية كانت في طريقها لمليشيا الحوثي وعلى متنها 150 صاروخا إيرانيا من النوع المضاد للدبابات و3 صواريخ (بر- جو) إيرانية. وفي ذات السياق، قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية الكابتن البحري ويليام اوريان في إيجاز صحفي 19 فبراير 2020 أن صواريخ كروز وقاذفات الطائرات المسيرة كانت من بين الأسلحة التي تم ضبطها على ظهر سفينة إيرانية، مطابقة لتلك المستخدمة في الهجوم على منشآت آرامكو منتصف ديسمبر 2019.

بل أن الجهات الأممية المحايدة ايضاً أكدت وتؤكد هذه الحقائق، فعلي سبيل المثال فإن التقرير الاممي الصادر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة المكلفون بمراقبة حظر التسلح والمقدم إلى مجلس الأمن الدولي مطلع العام الحالي2020  عقب تحقيق استمر عام، أكد بدوره  مليشيا الحوثي على المنظومات الصاروخية بينها صواريخ كروز برية والطائرات المسيرة من طراز دلتا إيرانية الصنع، وقطع غيار.

كما اطلع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش مجلس الأمن بأن الأمم المتحدة فحصت حطام الأسلحة المستخدمة في الهجمات على منشأة نفطية في عفيف ومطار ابها الدولي، وعلى منشأتين نفطيتين لشركة ارامكو في خريص وبقيق، وكلها في المملكة العربية السعودية، وقال: "تقدر الأمانة العامة للأمم المتحدة أن صواريخ كروز أو أجزاء منها استخدمت في أربع هجمات كانت من أصل إيراني.

الأمثلة كثيرة ومتعددة مثبتة تدخل ايران في تسليح الحوثيين منذ 2009 وما قبلها عندما أعلنت الحكومة اليمنية لأول مره ضبطها سفينة إيرانية محملة بالأسلحة كانت في طريقها لمليشيا الحوثي العام.

ورغم الظروف الإنسانية الكارثية التي يمر بها الشعب اليمني جراء الحرب التي فجرها الانقلاب الحوثي لم تقدم طهران أي مساعدات مالية أو عينية لليمن، بل استمرت في إجهاض الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة لحل الأزمة سلميا وتكثيف عمليات تهريب الأسلحة النوعية والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وخبراء صناعة الألغام والمتفجرات.

تلك الألغام والمتفجرات التي صنعها الحوثيون بمساعدة خبراء إيران وحزب الله اللبناني وزرعوها في كل المناطق التي وصلوا إليها والتي راح ضحيتها 8000 قتيل من المدنيين معظمهم من النساء والأطفال منذ بدء الانقلاب، وعشرات الآلاف من مبتوري الأطراف والمعوقين بشكل دائم– بحسب تقرير مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان الصادر في 2020.

إننا في الجمهورية اليمنية نثمن مواقف الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة المساندة للشعب اليمني وجهود الحكومة الشرعية لاستعادة الدولة وتثبيت الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، ونبارك الخطوات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية بالانسحاب من الاتفاق النووي والعقوبات الاقتصادية التي كان لها اثر ايجابي في التصدي للسياسات التخريبية الإيرانية وتدخلاتها في المنطقة، والقضاء على التنظيمات الإرهابية والمخاطر التي تمثلها المليشيات الطائفية ب "اليمن، العراق، سوريا، لبنان".

ونتطلع إلى تصدي المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن لواجباته وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة لصون السلم والأمن الدوليين، وتطبيق مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول وحماية استقلالها وسيادتها، عبر اتخاذ خطوات حازمة إزاء الدور الإيراني التخريبي وسياسات نشر الفوضى والإرهاب في اليمن والمنطقة، وفرض إجراءات عقابية على نظام طهران.

إن تشديد حظر التسلح الإيراني الذي سينتهي بلا شك بأيدي التنظيمات الإرهابية ووضع حد لعمليات تهريب الأسلحة ونقل التكنولوجيا العسكرية والخبراء لمليشيا الحوثي والتي تعيق الحل السياسي وتطيل أمد الأزمة وتفاقم المعاناة الإنسانية، سيكون لها نتائج ايجابية في تخفيف حدة التوتر والدفع بالحلول السلمية للأزمة التي خلفت مأساة إنسانية توصف بالأكبر عالميا ووقف الهجمات الصاروخية التي تشنها مليشيا الحوثي على الأعيان المدنية في دول الجوار وتهديد خطوط الملاحة الدولية.

كما ندعو لتصنيف مليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية وتجميد أصولها وأرصدتها ومنع سفر قياداتها للخارج، ووضع حد للجرائم والانتهاكات التي تمارسها بحق اليمنيين وترقى لمرتبة جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وعلى رأسها زراعة الألغام وتجنيد الأطفال وغسل أدمغتهم وتعبئتهم بثقافة العداء والكراهية للآخر والأفكار الإرهابية المتطرفة التي تمثل قنبلة موقوتة وخطر قادم لا تقتصر آثاره على اليمن.

لقد دفع اليمن واليمنيون ثمنا فادحا للسياسات التوسعية الإيرانية وعقيدة نشر الفوضى والإرهاب عبر إنشاء ودعم مليشيا الحوثي وإدارة الانقلاب على الحكومة وتفجير الحرب المستمرة منذ خمسة أعوام والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف بين قتيل وجريح، وتسببت في نزوح الملايين من اليمنيين، ودمرت البنية التحتية، وعطلت الخدمات الأساسية، وكبدت الاقتصاد خسائر فادحة وخلفت مأساة إنسانية مروعة.

حان الأوان لكي يتم تسمية المخربين بلا مواربة من اجل احقاق الحق واحلال السلام في اليمن بشكل نهائي ومستدام.

*وزير الاعلام اليمني

مقالات الكاتب