التحالف واليمن

لا بوادر تلوح في الافق بقرب الوصول الى نهاية للازمة اليمنية المركبة،والمصطنعة لضياع اليمن،وجيرانها من دول الجزيرة والخليج، في ظل تهاوي مركزية دولتها وذوبانها بسرعة البرق ،وفقدانها حتى في المناطق والمحافظات المحررة منها،وهو مايعكس سلبية المواقف للاطراف الداخلة في لعبة الحرب في اليمن بصورة مباشرة وغير مباشرة،والاستدلال على الاثر الباقي والقوي  لحجم التناقضات العاصفة بهذه القوى،والمبنية اصلا على تطلعاتها المرتبطة بالمصالح الاستراتيجية لكل طرف منها.و لن تكون الا على حساب المصالح الوطنية العليا لليمن، التي اختفت وتراجعت الى الظل من الآمال، لاقترانها باختفاء دور شرعية الدولة المدافعة عنها، واصبحت قابلة للمساومة والضياع في مفاوضات الظلام التي تجري وفقا وقواعد الاملاءات المرغوبة تحقيقها للقوى المحركة والمتحكمة في لعبة الحرب، دون دراية باهدافها الاستراتيجية على الصعيدين القريب والبعيد.ولا يمكن استبصار البعد الوطني فيها الا تابع وذليل ورهين لنتائجها كيفما كانت،وان  ظلت تبعات الحرب على الحياة العامة في اليمن هي المسكوت عنها حتى اللحظة، وكأنها لم تعر اهتمام القوى الموجهة والمسيطرة والداعمة والمسعرة لها،في حين تتواصل مسيرة تصعيد مظاهرها عليها وانتقالها من مرحلة معقدة  الى اخرى اشد تعقيدا، وتمضي بها الايام و الحرب الى المجهول من الاقدار التي لا يعلمها الا الله وحارسة شريعته على الارض. 

وتفاقمت مضار الازمة على اليمن وبشكل ملحوظ بعد خيبة الامل الكبيرة التي منيت بها من تحالف دعم شرعيتها الغائبة،وتنامي الشعور  بفشل مهمته فيها، كأول تكتل عربي عسكري في الالفية الثالثة،ودفعه سرا للخروج المبكر من بوابة الأمل منها،واستحكام  اليأس على قلوب ابناء اليمن منه، وارتفاع نبرة امتعاضهم الوطني الواسع من تصرفاته على الارض،عقب تصاعد وتيرة الانحراف الواضح في بوصلة توجهاته عليها،وجعله في مرمى الاتهام والشك والتاؤيل المباشر من عامة الشعب لا نخبه الاجتماعية والنوعية  فقط.

وانكسار احلام الشعوب وتحطيم آمالها وتوقعتها الوطنية والقومية  اشد ضررا عليها من خسائر الحرب التي تحصد الارواح منها كل يوم.

وانتقلت حكاية اليمن والتحالف من الافراح الى الاتراح وبصورة دراميتكية غير متوقعة، وغسلت  اليمن يديها من منافعه وتبخرت احلامها كسحابة صيف عابرة لا ماطرة،واصبحت فريسة سهلة للظنون القاتلة والتخبط الاعمى في تفسير جريرة وتبعات هذه النازلة الاخوية بها، والتي ضاعفت من معاناتها على مختلف الصعد.

وعلى التحالف العربي وبالذات القائدة الاولى له الشقيقة الكبرى ادراك حجم المرارة التي منيت بها اليمن من التحالف واصابتها في مقتل.

ومن باب حسن الظن بالتحالف، حريا التماس العذر لبعض من تصرفاته المناهضة لاهداف تدخلاته في اليمن وان  ارغم عليها،واقدم على ارتكابها مكرها،دونما حسبان لعواقبها الوخيمة، والمخطط له الوقوع  فيها، وبات على التحالف القيام بالمراجعة السريعة لمواقفه و تقييمها حتى يتمكن من البناء عليها واعادة توجيه واصلاح ما افسدته السياسة الدولية الموجهة له ولدفة الحرب وان في حدودها الدنيا على اقل تقدير  .

وما كان للمملكة ان تقبل بهذا المآل لليمن، وخروجها من جحيم الحرب فاقدة لحاضرها و مستقبلها معا،وحتى لا نستمري الذهاب والايغال بعيدا في الظنون القاتلة يتوجب عليها ان ترمي بثقلها كله في مجرى ايقاف تدهور علاقة التحالف باليمن وبالعروبة وبالتاريخ،وانقاذ مايمكن انقاذه منها.

وقد لا اجافي الحقيقة ان قلت بان افراغ تحالف دعم الشرعية من الاهداف واجباره على هذه الممارسات الخاطئة،تصب في التوجهات الدولية المعروفة والرامية الى افشال مهمته الدفاعية الاولى في  اليمن وحماية جيرانها،والتي  تأتي دون ادنى شك في اطار  اشترطات النظام الدولي الجديد، القاضية بنهاية كتابة التاريخ العربي المشترك،وضرورة تراجع ادوار العرب في صناعة احداثه او التأثير فيها.

مقالات الكاتب