من سيبادر ويطلق الضيوف (الأسرى)؟

والله إننا نستحي أن نسمي الذين يقعون في قبضة الطرفين المتصارعين في أبين أسرى، فالكل كانوا بالأمس في خندق واحد ضد الذين اجتاحوا عدن، وكانوا يتبادلون الزيارات، وكانوا يتواصلون عبر الهاتف، لينقل كل واحد منهم لأخيه، وصديقه بشارات النصر.

أنسيتم الجامع لكم أيام حرب تحرير عدن؟ أنسيتم تقاسمكم للذخيرة، وتوزيعكم على الجبهات؟ أنسيتم خوفكم على بعض؟ أنسيتم ضحكاتكم، وتكبيراتكم يوم التحرير؟ هل نسيتم ذلك كله؟

إن كانت تلك الذكريات مازالت باقية في الذاكرة، فليبادر الطرفان، ويطلق سراح كل من تم حجزهم، لا نقول أسرى، ولكن ضيوفاً، اطلقوا سراح إخوتكم، وبدون قيد أو شرط، والطرف المبادر سيكسب حب المواطنين، وسيكسب تعاطف كبير من شرائح كبيرة من ذوي الضيوف عندكم، فمن سيبادر، ويطلق سراح كل من هم عنده، وبدون قيد أو شرط؟

المبادر لإطلاق كل من عنده ممن وقع في قبضته، لن يترك للطرف الثاني إلا الحسرة، والندم، لأنه لم يكن هو المبادر، ثم سيطلق الطرف الثاني بدوره كل من عنده، وبهذا نكون قد انتهينا من عبث هذه الحرب المجنونة التي يتقاتل فيها الذين كانوا بالأمس يتقاسمون رغيف الخبز في الجبهات، والخنادق، وفي الحارات، حتى غدت حارات عدن كالبيت الكبير، وكان كل واحد يتفقد على الآخر، فهل من المعقول أن نصل لنطمس ذلك كله، ونحمل السلاح ليقتل بعضنا بعضاً؟

أيها الجنوبيون: يا من تقاتلتم في صحراء أبين، وثرواتكم مجمدة تحت أقدامكم، أفيقوا، وتصالحوا، وأطلقوا من في سجونكم، ومعتقلاتكم، وحكموا العقل، واتركوا الشطحات البليدة، وليتسامح بعضنا من بعض، ولنتكاتف كلنا لنبني وطننا، فخيراتنا كثيرة لو استثمرناها، لضحكنا على أيام الامتهان هذه، وكيف يتحكم بنا غيرنا مقابل ريالات لا تسمن ولا تغني من جوع، بل أنها تجعلنا نعد أيام الشهر عداً، لنتسلمها آخر الشهر، لماذا هذا الانبطاح، ونحن نستطيع أن نأكل من خيرات بلدنا بعزة، وكرامة؟ لماذا هذا الذل الذي ارتضيناه لأنفسنا؟

بعد هذا كله من سيبادر، ويطلق الذي عنده من الضيوف ( الأسرى)؟ فمن سيبادر سنعلم أنه هو الوطني، والمحب لبلده، وساعتها سنرفع له الإبهام، ولن نرضى بغيره ليحكم، ويقود البلاد، فمن من الأطراف سيبادر؟

أظن فخامة الأخ الرئيس سيوجه بإطلاق كل من هم لدى طرف الشرعية، أظنه سيفعل ذلك، وسيتبعه الطرف الثاني، وبهذا نكون قد طوينا ملف الضيوف ( الأسرى) حسب أعراف الحروب.

مقالات الكاتب