الحراك والبند السابع

مالذي سيفعله الحراك بعد صدور القرار الأممي الأخير؟هل سيظل الوضع كما هو خلاف وشقاق وفراق وتخوين وصراع ..أم سيتم الاستفادة من الأخطاء السابقة وتقييم التجربة بموضوعية وتصحيح المسار الذي من شانه ان يحترم تضحيات الناس ويؤدي في الاخير إلى خدمة الجنوب وقضيته العادلة بالنظر إلى المتغيرات السياسية المتلاحقة والمستجدة التي تفرض نفسها بقوة الدولة وبالقرارات والدعم الدوليين؟هل سيظل الحراك غايبا في المرحلة القادمة عن ساحة الفعل السياسي الذي يفرض أدوار ومواقف وتنسيقات وتحركات ديناميكية ومختلفة رافعا شعار"لايعنينا" أم انه استوعب الدروس وبدأ يفكر بشكل ايجابي يتخلق معه دور وفعل سياسي مغاير ومسؤول يتحرك بناء على ما تمليه مصلحة الجنوب لا ما تمليه عواطف البسطاء والعوام؟ سبع سنوات مرت من عمر الحراك الجنوبي السلمي استطاع خلالها من تحقيق انجازات كبيرة للجنوب اهمها تغيير شكل الدولة اليمنية من بسيطة إلى مركبة من اندماجية إلى فيدرالية ولا يستطيع احد انكار تضحيات شعبنا في الجنوب من اجل ذلك غير أن الحراك كان بامكانه تحقيق مكاسب أكبر لو انه احسن واتقن العمل السياسي حيث ظل العمل السياسي هو نقطة ضعف الحراك وقياداته وما تحقق هو بفضل العمل الثوري فقط إذ ساهم الخلاف والشقاق وعدم توفير الدعم للمكونات السياسية التي قبلت المشاركة في الحوار اهم نقطة ضعف واجهت الحراك وادت الى فرض خيار فيدرالي أخر ربما يرفضه الحراك ولا يقبل به وهذا مردة للتمزق وضعف العمل السياسي وتوزيع الادوار بين مكونات الحراك التي يدعي كل منها تمثيل الجنوب دون غيره وينكر على الاخر جنوبيته ووطنيته لمجرد انه اختلف معه في الراي وهذه ثغره كبيرة على الحراك ان يسدها كي يستطيع الانتقال الى عمل سياسي مدني حقيقي لايضاح القضية وطرحها بكل ابعادها وكذا ايصال الرسالة الواقعية والمنطقية للراي العام المحلي والدولي اما الاستمرار على هذا الوضع فهو لن يقود الا الى كارثة وتمزق اكثر وضعف العمل الثوري فيما بعد وصولا الى الصراع الداخلي والانشغال به عن الصراع مع الخصم. استطيع القول ان الحراك نجح ثوريا وفشل سياسيا وهذا امر لايحتاج لكثير عناء لاستيضاحه وفهمه ويمكن لاي متابع او محلل ادراك ذلك حينما يقوم بقراءة بيانات مكونات الحراك وتصريحات قياداته حتى ان صنعاء باتت تخشى من الحوثيين اكثر من خشيتها من الحراك الذي تكلفت قياداته باضعافه ونقل الصراع الى داخله وافقاده للقوة على الارض والتاثير في مجريات الاحداث حيث اصبح الحراك عبارة عن رد فعل وليس فعل كما كان عليه الحال في 2007 و2008 مثلا. الجنوب منطقة مهمة للعالم واستمرار الحراك بهذا الادى الرتيب سوف يدفع العالم للتعامل مع غيره وصرف النظر عنه بل وسيكون تحت البند السابع لو حاول استخدام العنف وتحت طائلة العقوبات الدولية والتصنيف كحركة ارهابية لذا على قيادات الحراك التفكير جيدا بمستقبل القضية الجنوبية ومستقبل الجنوب كما ادعوهم لقراءة المتغيرات السياسية في اليمن والعالم واعادة ترتيب ادوار جديدة للحراك بعيدا عن المكابرة تواكب هذه المتغيرات كي يبقى الجنوب جنوبا سواء في ظل الاقاليم او غيرها مالم فان الحراك سوف يعزل نفسه تماما والعملية السياسية ستمر والفيدرالية ستفرض والحراك معزول سياسيا ويقبع في واقع اخر جامد لم يعد يصلح للحظة الراهنة.

رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام

مقالات الكاتب