من المدارس لا " المتاريس " تُبنى الأوطان

مؤلم جدا واقعنا اليوم بل وأمس ، وربما غدا ، طالما ظل الوطن يدار بعقليات عسكرية لاتفهم ولا تتفاهم الا بالبارود والنار ، وهبهم الله رؤسا كبيرة ، لكنهم ملؤها بارودا ورمادا .


  

  وباتوا لا يفكرون ، ولا يسمحون لغيرهم بالتفكير ، الا في مجال العروض العسكرية ، وسياسة " استعد _ أسترح " ، ظنا من أنفسهم وخاب ظنهم ، أن الأوطان تبنى بالقبعات العسكرية وبلبس " الميري " أو الدروع الواقية من الرصاص . 


 وشغلونا بفزورة بناء جيش وطني قوي ، وليتهم أفلحوا في ذلك ، فالجيش الوطني لا جود له إلا كهدف في أغلفة الجرائد والكتب ، منسوبا لثورات أنتهت صلاحيتها ، و لا زالت أهدافها حبرا على ورق ، كما تركوه ، إن كانوا فعلا جعلوا ذلك من أهداف تلك الثورات !


  

وعلى طيلة عشرات السنين ،ونحن في تراجع مستمر ،ونتغنى بجيش وطني قوي قادر على حماية الثورة " الأكذوبة الكبرى " فلو كانت ثورة لما بقي الحال هكذا ، و لما بقي التفكير بالمعسكرات والالوية ، وكأن الغزاة على بعد كيلومترات من الحدود ، فيما الحقيقة أن الجيش الوطني هذا لم يسخّر إلا لقمع الشعب ، و لا يتواجد إلا في حدود بيوت المواطنين وطرقاتهم ، فيما الوطن مفتوح لكل من هب ودب .


  

 الغريب من ذلك كله هو استمرار إنتاج سلالة " فندم " ،وإيكالها ببناء الأوطان بالمدفع والدبابة والسجون والمعتقلات . والأغرب من ذلك أن نتحدث عن ثورات ولا أدري ماذا حققت ، بل ولماذا قامت أصلا ؟

!  

والسؤال الذي يفرض نفسه هو : متى سنغير عقلياتنا ، و نفكر في ثورة علمية تطيح بعروش الفساد والنار ، وتطردهم شر طردة ؟! ومتى سنولي التعليم حقه من الإهتمام لنبني فعلا أوطانا ؟ متى سيقتنعون ان الأوطان لا تبنى من " المتاريس " التي تهدم المدارس ، وتقتل بناة الأوطان ، ليبقى المدفع والدبابة فاتحين فاهيهما ومستعدين لإطلاق أصوات تلقف كل صوت حر وقلب ينبض بالحياة لتنعم بها في حماية المجرمين ؟

مقالات الكاتب