لعبة الحرب في اليمن (١٣)

تمثل اليمن في هذه المرحلة محور وقلب اللعبة الدولية في المنطقة العربية وعليها سيتوقف مستقبل نظمها السياسية. على انني لا اجيد قراءة الفنجان، ولكنني قارئ حصيفا و جيدا لكف الاحداث المتشابكة الخطوط والمتطابقة الاهداف، التي لا نجاة لليمن ودول المنطقة منها ومن نتائجها كيفما كانت، دواء لما في الصدور او استدعت صمت اهل القبور. 

في كلا الحالتين سقطت انظمة العرب الثورية  في غمضة عين بعد اخضاعها لعمليات تهجين تبعي ونفعي لا مثيل لها في تاريخ الشعوب. وجرى توظيف رغبات قادتها غير المشروعة في الحكم وحبهم للبقاء في السلطة بشروط العمل على امعان التعسف للشعوب العربية وقمعها والوصول بها الى النقطة الحرجة ودخولها الى المرحلة القصوى من الكراهية والقطيعة الفعلية مع ثوراتهم الوطنية والقومية، التي اسقوها من دمائهم الزكية الطاهرة للتتحول على ايادي هولاء الطغاة المستبدين الى شر مستطير عليهم.،ومنغص ابديا لحياتهم.

وجرت كل هذه التحولات الجذرية في علاقة الحاكم والمحكوم في البلدان العربية استجابة لبرامج بناء نفسي متعدد الاغراض ومعقد التراكيب والوصفات افضى لاصابة هذه الانظمة بانفصام حاد في شخصياتها القيادية  وجعلها لا تقوى على تقدير خطورة اتباعها الاعمى للغرب الذي ابقاها مخدرة باوهام حبهم السرمدي للسلطة والتسلط والتي لم يفيقوا منها الا على هدير اصوات الجماهير المطالبة برحيلهم ومحاكمتهم نظير فعائلهم السوادء بها واستبدادهم لها لعقود طويلة من الزمن. 

ونجح الغرب في ضرب اهداف عربية ثمينة  برمية واحدة ادت الى سقوط الانظمة والثورات العربية وغرق بلدانها حتى الاذنين في وحل الفوضى والدمار وانهيار منظمومة دولها سياسيا واقتصاديا وامنيا.لتستفيق الشعوب العربية التي سبقت اليمن في صدامها الثوري  على واقع مغاير بشكل جذري لحياتها وتاريخها مع ظهور علامات ندم على جهلها وجهل الحكام العرب الضحية لها.

واليمن لم تزل رهينة لمشروع الحروب التي لم تفض بعد بخفاياها، ولكنها بالتأكيد لن تخرج منها الا على واقع اشد وطأة ومرارة عليها مع صعوبة استفاقتها من استهواء و استقطاب الولاءات الشخصية لها واندفاعها بجنون نحو تعدد رؤوس ادعياء الحق الالهي والثوري والاسري فيها  واستحقاقهم دون غيرهم في حكمها جيل بعد جيل،وهذا يعني ترك بوابة الموت فيها مفتوحة والى اجل غير مسمى و استحالة خروجها سليمة معافاة من مستنقعه الاسن.

اليمن ستظل هي حالة الاستثناء الوحيدة التي استعصت على الفهم في عهود الثورات العربية القديمة والحديثة ومارافقهما من تحولات جذرية وعميقة في بنية انظمتها السياسية.

ومازالت تمضي بقوة نحو المجهول في صراعاتها الدموية التي قد تطول في ظل استجابتها الطوعية لعوامل الدفع بها للايغال كثير في نفق الحروب المنعدمة معها فرص العثور على بصيص للامل والنور في نهايتها.

مقالات الكاتب