لعبة الحرب في اليمن (12)

هناك سؤال جوهري لابد من البحث والاجتهاد  لايجاد الاجابة المنطقية والمقنعة له.، وهو لماذا  حصلت اليمن على انقلابين متتالين من بين دول المنطقة التي عصفت بها رياح المتغيرات الدولية.والاجابة بالتأكيد ستكون مفتاح لمعرفة بداية الحرب ونهايتها.

ولكنها بالطبع لن تخرج عن الاطار العام لهذه المتغيرات ويمكن ان تكون هي خاتمة المطاف لحصاد المتغيرات الجذرية التي طالت المنطقة،وكأنما يراد بها كتابة نهاية التاريخ العربي الحديث وتوقف العرب من المحيط الى الخليج عن انتاجه من جديد او حتى المشاركة في صناعته، وهذه الحقيقة المجهولة هي من المقررات الاستراتيجية لخطة الحرب والفوضى التي احاطة بالانظمة الجمهورية وعملت على التخلص منها بعمقها الثوري واوصلتها الى المطاف الاخير مع الثورات التي ولدتها من التضحيات.

قد تكون الاجابة موغلة في الابهام لكنها الحقيقة غير المعلنة من الحروب، و التي لا مفر  للعرب منها،وعليهم امتلاك الشجاعة الكافية والاستعداد لمواجهتها من الان مع تحصين انفسهم من اختراقات ستين عاما مضت من حياتهم وقضت على احلامهم في احدث النهضة المنشودة لبلدانهم،والمشاركة القومية في صياغة تاريخهم العربي المشترك والحديث.

ومسألة حصول  اليمن السعيد على انقلابين هي من القضايا الملفتة للفكر والنظر معا،وكأنما الاول منهما موجها لقتل الثورة السبتمبرية الام في شمال اليمن ، والثاني موجها لقتل البقية الباقية من الثورة الاكتوبرية في جنوبه مع الشروع في دراسة وتقييم اثر عملية الاجهاز عليهم في نفسيات ابناء الشعب اليمني على غرار الهلاك الذي حل بالانظمة العربية وثوراتها في هذه المرحلة وجعلها خاوية ومنخورة العظم ولا تملك مقومات البقاء والصمود في وجه التحديات الداخلية والخارجية التي واجهتها وتواجهها اليوم.

وبالتأكيد فان عملية انحطاط الانظمة العربية السابقة على عمالتها وولائها للغرب.،لم تبقى من كياناتها العربية  غير الاسم فقط، واشكالية  ذوبان هويتها القومية في مياه المحيط وهذه العملية على صعوبتها لكنها قابلية لتحقيق في حالة امعان النظر جيدا في استهداف مكوناتها الاساسية وجذور مرتكزاتها وضربها في الصميم من خلال عمليات منهجية ومنظمة وطويلة الاثر عقب وضعهم اليد على التعليم واقرار مناهجه في مختلف مراحل التعليم العام والجامعي، مما اسهم في تواصل بناء نوعين من  الاجيال،الاول في طريقه للتغريب عن الهوية والتاريخ والاخرى محصنا ضد الفهم والتعليم وبقي على علات جهله على المجتمع،والادهى والامر هي الاجيال التي تعمل بعقلية غربية صرفة وتسعى لتطبيق نمط حياتها في واقعها العربي مع دعواتهم للنفور من تخلفنا العلمي والاجتماعي والاقتصادي،وهذا النوع اشد واخطر انواع العدوان على العرب والعروبة والتاريخ المستهدفة كلها بالنسيان في المقام الاول.

وقد يشكو البعض من تداخل الطرح في قضايا حروب اليمن والمنطقة والتي هي مشروعا تدميريا واحدا، يستوجب علينا ان نفهم اصوله وخيوط لعبته التي امتد طرف خيطها من المغرب العربي وانقطع اخره في اليمن الميمون.، عقب مروره ببقية الدول العربية و مثل فتيل اشتعال الفوضى والخراب فيها وان خمدت نيرانها في البعض منها لكنها ستبقى مجهول الاعراب في عالم النظم السياسية الحديثة  وستبقى معلقة في الهواء حتى يتم الانتهاء من الحالة اليمنية العصية على الحل في القريب المنظور لتداخل الاطراف اللاعبة فيها وان كانت حتمية الوصول الى محطتها الاخيرة والتي ستبنى عليها عمليات التسويات السياسية الجديدة في المنطقة و اقرار وتوصيف اشكال  النظم السياسية المناسبة لها شريطة ان تكون امريكية الهوى والهوية، وان بلكنة انجليزية في منطقها.

مقالات الكاتب