لعبة الحرب في اليمن (9)

تواترت قراءاتي للمشهد اليمني بصور وطرق واساليب متنوعة، وان بعدت عن الاطار العام لدراسات السياسية ومناهجها البحثية المعروفة، لتتوالد منها قراءات نوعية ومتجددة اخرى لموقف الاطراف المشاركة في الحرب والذي لا مناص من معرفة كيف تمت صناعتها على الطرق الاستخبارية العتيقة في عقيرة وديرة  العالم الاستخباري المجهول وشبكاته الاخطوبطية الشديدة الاذرع والقرصنة . 

ولا اريد الايغال السردي المبهم في تفاصيل الصناعة ولا في جودتها لان كل صناعة استخبارية جيدة مالم تضربها سهام الاختراق وتصيبها في مقتل.

وعرفت بيروت نور الشرق وظلماته القاتلة بالاحترافية في هذا النوع من الصناعات البشرية  القذرة وهي بالفعل مصيدة العالم وشياطين التجسس،ولها سجل غير نظيف في الجريمة السياسية واداراة شبكاتها على صعيد بلدان واسعة من العالم،بل تمادت في غيها باللعب بالنار في مراحل من حياتها وكانت المسرح الاول للجريمة المنظمة في المنطقة والعالم،واشتهرت بيروت التي نحبها بممارسة لعبة الموت مع قوى واجهزة الاستخبارات العالمية وربما كانت هذه نفطة ضعفها وخطة الاستهداف والاغتيال مبكرة لنهوضها الثقافي والعلمي والاقتصادي.

اذن بيروت والضاحية على وجه التحديد منها هي بيت القصيد.، لانها كانت مصنع اقطاب المظلومية السياسية في اليمن او فيران خرابها البشري المنظم ففي الضاحية تلاقت اهواء الاطراف مع رغبات اصحاب المشاريع والمؤمرات الدولية التي تتكلم فيها بريطانيا وامريكا وفرنسا بلسان فارسي عريق وعربي مبين على اعتبار بيروت المختبر العالمي لتصنيع عقار المؤمرات الناجع في تدمير الدول والشعوب في بضعة اعوام.

ومن هنا بداء الدرس الاول لاقطاب مظلومية شمال الشمال الامامي، وشمال الجنوب السياسي لتتولى وفود شبكاتها الى مواسم الحج في وكر الضاحية زرافات وافرادا.،حتى اذا ما استوعبوا الدرس جيدا عادوا على شكل ملزمة مذهبية الى صعدة،وطلاسم ثورية مبهمة الى الضالع، مع تغطية و تواصل برامج عمليات بناء قدراتهم الاستخبارية والثورية والقتالية في الداخل وبحماية غير مرئية من اجهزة الاستخبارات الدولية الراعية لهما.

وهذا مايعزز مقولة بان انقلابي صنعاء وعدن هما وجهان لعملة واحدة جرى حبكتها وصناعتها من جحر استخباري مظلم وواحد.

وانطلق الاول على دبابة الدولة بالانقلاب عليها وحقق طموحاته غير المشروعة ورغباته المكبوته بعمرها الوطني واجهز عليها في بضعة ايام لتسقط قلاع الدولة تباعا وبما يوحي باليد التي عبث فيها مسبقا واعدتها لساعات الرحيل والاستسلام والتنازل الطوعي عن تاريخها النضالي وانجازاتها الثورية التي لا تعد ولا تحصى، واصبحت الدولة ونظامها الجمهوري وشرعيتها الدستورية اثرا بعد عين في العاصمة صنعاء.،ومواصلة ملاحقتها بالاثر حتى ثغر اليمن الباسم عدن واجبارها على الرحيل المر الى منفاها الاختيار والاخير والمخطط له مسبقا في غالب الظن و بحسب شواهد الاحداث.، لتنحسر موجة الانقلاب الاول من عدن وتطوي معها تفاصيل المرحلة الاولى من الحرب على الدولة واسرارها،لتبداء ملامح المرحلة الثانية الاشد بؤسا ومرارة على حياة الشعب اليمني وسلطاته الشرعية،وذلك بالانخراط المبرمج  في تنفيذ الانقلاب الثاني على الدولة ومن عاصمتها المؤقتة عدن وهذه المرة على ظهور دبابات التحالف العربي القادم لانقاذها من وحل الانقلابات عليها ولا نعلم كم من الوقت قد تستغرق هذه المرحلة الشديدة القسوة والظلام على اليمن ودولتها ونظامها الجمهوري وشعبها المكلوم و العظيم.

مقالات الكاتب