خذوا الحكمة من الافارقة

كثيراً ما تطغى على بعض بني البشر ثقافة العنصرية المقيتة فينظرون بازدراء لمن هو أقل منهم مكانة من حيث الجاه او المال او الحسب والنسب والى ما غير ذلك من هذه الأمور التي ليس لها مثقال ذرة في ميزان الخالق سبحانه وتعالى بل هي ثقافة ابليسية بامتياز (انا خير منه) والأسوأ من ذلك ازدراء الآخر للون بشرته السمراء او السوداء والتي ليس له يدٌ في صنعها بل هي صنعة الله الخالق وارادته، فلماذا يُزدرى لهذا السبب او ذاك وقد عانت الشعوب الافريقية الأمرين في القرون الماضية منذ أن وصلت سفن بلاطجة أوروبا الى سواحلهم وهي تحمل آلة الموت الفتاكة التي لم تكن تعرف حينها لدى هذه الشعوب فحصدت من حصدت وأخذت الملايين في سفن عملاقة وباعوهم كعبيد في بلدانهم وفي القارة الأمريكية التي سيطر عليها شذاذ الآفاق وصارت دولتهم العظمى. وتم توزيع القارة الافريقية بينهم وقسموها الى دول شتى وصنعوا هم حكامهم للسيطرة على ثرواتهم حتى هذه اللحظة وبقيت الشعوب تعيش الصراعات الدموية فيما بينها وتساهم الأنظمة الحاكمة باستمرار تفشي ظاهرة التجهيل المتعمّد حتى لا تقوم لهم قائمة ولا تستفيد من خيرات ارضها ولتبقى لصالح هيمنة الرجل الأبيض ولو تباعدت عنهم المسافات.

والحال عندنا لا يختلف كثيرا عن القارة الافريقية

ولهذا فقد لفت انتباهي هذا الأسبوع تغريدة تم تداولها في وسائل التواصل، جاء فيها أن أحد علماء الأنثروبولوجيا قام بعرض لعبة على أطفال أحد القبائل الأفريقية البدائية.. حيث وضع سلة من الفواكه اللذيذة قرب جذع شجرة وقال لهم: بأن أول طفل يصل الشجرة سيحصل على السلة بما فيها..

وعندما اعطاهم إشارة البدء تفاجا بهم يسيرون سوية ممسكين بأيدي بعضهم حتى وصلوا الشجرة وتقاسموا الفاكهة...!

وعندما سألهم لماذا فعلتم ذلك فيما كان بالإمكان واحدا منكم بإمكانه الحصول على السلة كاملة له دون غيره!

اجابوه بتعجب (اوبونتو)أي كيف يستطيع أحدنا أن يكون سعيداً فيما الباقين تعساء!  

أطفال تلك القبيلة البدائية تعرف سر السعادة الذي ضاع في جميع المجتمعات المتعالية عليها والتي تعتبر نفسها مجتمعات متحضرة.. ولا يعرفون من الحضارة الا اسمها.

واذا نظرنا لحال بلدنا المنهوب وشعبنا المنكوب ونظرنا الى أكبر حكومة عرفها التاريخ اليمني من حيث عدد الوزراء ونوابهم ووكلائهم فلم يكتفوا بهذا الكم الهائل بل صنعوا منجزا فريدا اسموه حكومة أطفال من أبنائهم والمقربين منهم يتعلمون كيف يجتمعون ويلتقطون الصور ونشرها ويتم تدريبهم وتأهيلهم لمقابلة السفراء وحضور المناسبات الرسمية ويحضون بشقق فندقية ورواتب ومصاريف إضافة الى الجوازات الدبلوماسية التي يتم التباهي بها امام المواطن الغلبان واسرته ممن ترهقهم تكاليف استصدار جوازا عاديا في السفارات اليمنية وامام مباني إدارات الهجرة والجوازات في الداخل ناهيك عن الطوابير الطويلة والوقوف في الشمس المحرقة بينما مهند ولميس تسهل لهم كل الطرقات وتفتح لهم الأبواب المغلقة

شتان بين أطفال تلك القبيلة الافريقية الذين عرفوا مفهوم صناعة السعادة وبين حكومة تصنع التعاسة لشعبها بينما السعادة ترفرف حصرياً على محياهم واسرهم وأسر حكومة أطفالهم.
خاتمة شعرية:
للشاعر احمد مطر
الأسى آسٍ لما نلقاه والحزن حزين..
نزرع الأرض ونغفو جائعين..
نحمل الماء ونبقى ظامئين..
نخرج النفط ولا دفء ولا ضوء لنا
إلا شرارات الأماني ومصابيح اليقين..
وأمير المؤمنين منصف في قسمة المال
فنصف لجواريه ونصف لذويه الجائرين..
وابنه وهو جنين يتقاضى راتباً
أكبر من راتب أهلي أجمعين
في مدى عشر سنين.

مقالات الكاتب