لماذا ذهب النظام صوب السياسي وترك الاجتماعي والاقتصادي؟
قامت ثورة الشباب في اليمن على قاعدة قضايا اجتماعية واقتصادية عديدة كانت بمثابة الحامل الحقيقي للثورة، اي كانت بمثابة المحفز الرئيسي لاندلاع الثورة الشعبية وكان يتوقع ان يبدأ النظام السياسي الذي انتجته الثورة بحلحلة هذه القضايا من خلال ايجاد حلول لها لكن ما حدث ان النظام السياسي اخذ يتعايش مع هذه القضايا على امتداد اليمن ومن الجنوب حيث الحراك إلى صعدة حيث الحوثيين فضلا عن القضية الامنية حيث يقتل ويغتال الناس من رجال الامن والجيش وغيرهم بصورة شبه يومية والفاعل مجهول في نهاية المطاف!
وللأسف الشديد توقفت الثورة عند العملية السياسية أو التسوية السياسية وكانها أي التسوية السياسية سوف تحل كل مشاكل اليمن الاقتصادية والامنية والاجتماعية وما حدث ان التسوية كانت وبال ومعيق لأهداف ثورة فتية بل وتحولت إلى مشكلة بسبب سوء او فشل إدارتها.
الحوار الوطني هو الاخر يندرج ضمن العملية السياسية وهو عالج مشكلة اليمن في صورتها السياسية من خلال تحديد شكل الدولة وبالتالي تكون القيادة السياسية تعاملت مع القضية الجنوبية في شقها السياسي ومع ما يرفع من شعارات وخطابات رنانة ومرتفعة في الجنوب لا مع الاسباب التي انتجت هذه الخطابات وهي في طبيعة الواقع اجتماعية واقتصادية فذهبت إلى تحديد شكل الدولة وتقسيمها لاقاليم بناء على الخطاب السياسي للحراك المرتفع في محاولة للتخفيف من حدته واحداث اختراق في داخله دون النظر لواقع اليمن الاجتماعي والاقتصادي المعقد والذي انتج اساسا كل المشكلات وكان محفزا رئيسيا لاندلاع الحراك وثورة الشباب..فهل ستحل الفيدرالية التي يصورها النظام السياسي باعتبارها عصى سحرية المشكلة الاقتصادية والامنية الاجتماعية؟طبعا لا.فاذا لم تقم السلطة بحل العشرين النقطة مثلا فلن يتغير شيء في الجنوب وعدم حل العشرين النقطة حتى الان مع الذهاب صوب الفيدرالية هو هروب القوى السياسية الممسكة بالبلاد من حل قضايا الناس التي سوف تساعد كثيرا في تحديد صورة البلد إلى ايجاد صيغة سياسية فيدرالية تلبي تطلعات القوى السياسية المذكورة وتموضعها القادم في الخارطة السياسية دون ادنى اعتبار للوضع الاجتماعي والاقتصادي والامني للمواطن.
لست ضد الفيدرالية لكنها بالضرورة ليست عصى سحرية لحل مشاكل البلاد كما يصورها النظام وبعض القوى السياسية تلك المشاكل التي تحتاج قرار سياسي شجاع وقدرة على التنفيذ.
فأي ثورة لا تحدث تحولا اجتماعيا واقتصاديا وامنيا في حياة الناس ليست ثورة.الامر الذي يدفعني بعد مرور ثلاثة اعوام على الثورة وعامين على الحكومة والرئيس الى دعوة الشباب لمراجعة ما الذي حققته ثورتهم حتى الان في واقع الناس وما الذي يمكن تحقيقه في المستقبل ومناقشة ايهما اسبق الاقتصادي والاجتماعي ام السياسي وهل فعلا هناك نتائج ايجابية تتحقق تصب في مصلحة اهداف الثورة أم اللعب على الأزمات ومشاكل البلاد لتحقيق مكاسب سياسية ذاتية وانانية.
رئيس التحرير