بريطانيا والعرب

بريطانيا والعرب تاريخ معقد ومحكم الحلقات من التبعية والاستعمار ، ولم يخرج العرب من عبأتها منذ الوهلة الاولى لاحتلال بلدانهم ، بل ظلت هي هي الموجهة الاساس لسياسة المنطقة من المحيط الى الخليج ، وصاحبة اليد الطولى والاولى فيها .

وبريطانيا وعلى وجه اليقين هي صاحبة صناعة نكبات العرب الاتراب والمتسبب الاول في نكساتهم التاريخية المريرة ، ومازالت ماسكة بخناق العالم العربي وتوجه كيفما شاءات اقدارها  ، وبصورة تلبي طموحاتها وطموحات القوى العظمى ومصالحها في المنطقة ، دون قدرة هذا العالم الكسيح على تحريك ساكن دول وانظمة .

ومن الصعوبة بمكان الوصول الى مناطق الرمادية في تاريخ علاقات  بريطانيا بالعرب التي يلفها الغموض في كل اتجاه وتعد بطبيعتها من مناطق الموت الممنوع الاقتراب منها وحتى العلم بها لم يتخلق بعد في اغلب تقدير .

هذه بريطانيا العظمى التي تغلغلت في العالم العربي ذات يوم كا اكبر قوة استعمارية في العالم وبقوة الحديد والنار ، ولم تخرج منه الا مسلوب القرار ويعيش على حافة العالم ويقتات من بقايا حضارته العلمية والانسانية الراقية ، وهذه من الحقائق المرة لهذا الاستعمار السرطاني الذي لم تغادر خلاياه الخبيثة جسم العروبة المريض والمنهك منها ، بعد ان عجلت بريطانيا بدخول ثوراته الى خريف العمر المؤبد ، وفي اقل من نصف قرن عل  غرسها بشلالات من دماء العروبة المغدورة بها من بريطانيا ، خلافا لمنطق التاريخ الذي يقول بان الثورات تتجدد ولا تموت .

وقد نصاب بحالة من التقهقر الفكري حالما شرعنا التفكير في الوصول الى حال العرب وثوراتهم القديمة والجديدة ، الدائرة حولها الكتهنات والشبهات وترمى بالتهم جزافا في صناعة بريطانيا لها ووقوفها وبقوة خلفها واحكام قبضتها على انفاسها من الوهلة الاولى لانطلاقتها .

ومثل هذه القراءات مخيفة ومرعبة ولكنها ليست بعيدة عن الحقيقة المرة والمستحيل الوصول اليها ، وفيها تتكون مجاهل صيرورة التحكم التاريخي البريطاني الاصيل وسر اسرارها الابدية في السيطرة على العالم العربي وخضوع انظمته الملكية والوطنية لمشيئتها الى يوم الدين في الغالب الاعم .

ولن يجدي نفعا الوقوف على الاتجاهات العامة للسياسة البريطانية في المنطقة ومنذ احتلالها ، وتحليل اساليبها الاستخبارية العميقة في التعامل معها . ، لكن من المؤكد بان بريطانيا خرجت منها بصورة اقل ما يمكن ان يقال عنها بانها مشكوكة فيها ، وقابلة للهمز و اللمز والضرب بالغيب على علاته بعيدا عن شطحات وعينا القومي الذي بداء يتكشف لنا زيفه الواضح .

بريطانيا وللتأكيد وللمرة الف غادرة المنطقة بعدما تمكنت من ربط حاضرها ومستقبل انظمتها السياسية وانتزاع الروح الوطنية منها وبعمليات تهجين بالغة التعقيد والصناعة والذكاء حتى خلخلتها و اخضعتها للديمومة الصرعات والعدوات والبغضاء وذبحتها على بسواطير الحدود الشائكة ، واغرقتها في مجاهل الضياع لتبقتها على الشاكلة المذمومة التي تريد اليوم والمخجلة لكل ذو لب وقلب وضمير من بقايا العرب .

اذن نحن عندما نتكلم عن بريطانيا وتاريخها الاستعماري القديم والحديث للعالم العربي ، كأنما  نتحدث عن قدرات خارقة تفوق القدرات العقلية لاقرانهم من البشر ، ويصعب ان نكرس هذا المفهوم دون دوامغ من حقائق العلم الصرفة القابلة للاقناع ، وان كان هناك ما يوحي بها وتومي بها اصابع الاتهام لبريطانيا باعتبارها اول دولة استعمارية تمكنت من الوصول الى شفرات مافي باطن الارض العربية ، وعلى وحدة القيام منها يمكن لنا القول بانها تمكنت من معرفة و سرقة شفرات جينات ابطال العروبة واصبحت متحكمة بها وقادرة على ادخال التعديلات الوراثية لاجيال منها تلبية لمواصلة رغباتها في الحفاظ على تاريخها  الاستعماري للمنطقة وتفريخ قياداتها المهجنة  وتحضيرها في انابيب مختبرات استخباراتها العريقة ، وعلى طريقة استنساخ النعجة دولي .

وهذه محاولة للاقتراب من سبر الاغوار السحيقة  لعلاقات بريطانيا بالعرب والتي مالها من قرارة ، دون الذهاب مع اراء بعض  المحللين العرب و في اطار تناولاتهم لها و طرحها النظري البحت الملتبس بمنظمومة العمل السياسي والدبلوماسي الصرف ، دون الجرؤة على الخوض في اعماقها او ملامسة شطآنها المحرقة .

مقالات الكاتب