في عدن حتى الكتالي عبوها

عدن الحضارة، والرقي، والتطور، والتقدم، والمدنية، عدن مدينة الخدمات المتوافرة على مدار الساعة، عدن التي لا تنام، عدن أجمل عواصم الجزيرة، بل أجمل مدن العالم في يوم من الأيام، عدن التي يعزف البحر على شواطئها أجمل مقطوعاته، اليوم هي مدينة الخراب، والتخلف، هي القرية بكل معانيها، عدن مدينة بلا خدمات، عدن اليوم كل شيء فيها ينام بعد صلاة العشاء، ولا يستيقظ فيها إلا البلاطجة، والمخربون، والمخمورون بالبسط على كل جميل فيها، عدن تنام بعد صلاة العشاء، وتنام مرعوبة، خائفة، مظلمة، عطشانة، عدن اليوم غدت أبشع عاصمة في جزيرة العرب، بل العالم كله.

عدن لا حديث لأهلها إلا عن الماء، فمجالسهم كيف الماء عندكم؟ ومتى يأتي إليكم؟ وكم له مقطوع عندكم؟ عدن يعيش مواطنوها مناوبات انتظار الماء، عدن اليوم يحفر مواطنوها في الشوارع بحثاً عن أنبوب الماء ليشفطوا لهم منه ماءً مخلوطاً بالذحل (الصدأ)، عدن أهلها لا شغل لهم إلا الماء، ولا يبحثون إلا عنه، ولا يتمنون إلا الماء، كل أمانيهم، وأحلامهم أن يأتيهم الماء، عدن يتنقل أبناؤها باحثين عن مديرية يتوافر فيها الماء، فلا يسألون عن الجار الذي سيسكنون بجانبه، ولكنهم يسألون عن الماء، والماء فقط، عدن أخذ مواطنوها يحفرون الأرض ليبحثوا عن الماء، فهل تصدقون كلامي؟ كلامي هذا ليس من باب الدعابة، ولكنه من باب الحقيقة المرة، والمعاناة التي يتجرعها العدنيون.

صرخة لعلها تصل إلى رئيس الجمهورية، ولعلها تلامس كل من له ذرة إنسانية في الوطن، والتحالف، صرخة لعلها تصل إلى المنظمات، والجمعيات، لعلهم يسقوننا قطرة ماء، صرخة لعلها تصل إلى اللصوص لعلهم يكفون عن تعذيبنا، وسرقة حقوقنا، فالمواطن لا يطلب مليارات، فمطلبه قطرة ماء، وضوء، ومروحة تعدل الجو في منزله الذي لا يطاق، فعدن لا تريد منكم إلا الماء، والكهرباء، فالصيف قادم، والخدمات في استياء مستمر.

عدن اليوم يصبح أهلها يملأون أوانيهم جميعها بالماء، بما فيها الكتالي، فسعر البوزة قد يصل إلى العشرة آلاف، وقد يزيد في بعض المديريات، قلنا في مقال سابق عدن تحتضر، ولكنها اليوم تعيش موتاً أكلينيكياً، عدن يعيش أهلها فيها عناداً في قيادتها، وإلا فهي مدينة لم تعد تصلح للسكنى، فالقتل فيها، وتصفية الحسابات فيها، والخدمات مقطوعة فيها، فمحافظها غائب، ومجالسها المحلية نائمة، والمسؤولون فيها مغيبون، والماء مقطوع، والخدمات جميعها مقطوعة، فنصيحة لكل مواطن في عدن، لو اشتريت بوزة ماء، لا تنسى الكتالي، والصحون، ولا تترك قربوعاً إلا وملأته بالماء، وتحياتي لكل مواطن صامد في عدن، وبلا تحية لكل مسؤول فيها، وخاصة محافظها، وأمينها العام، ورؤساء مجالسها، وأخص مخصوص القائمين على المياه في عدن.

مقالات الكاتب