من يحكم عدن؟

عدن العاصمة الاقتصادية، والسياسية المؤقتة، أتدرون لِمَ هي مؤقتة؟ لأن كل شيء فيها مؤقت، فلا توجد فيها أدنى الخدمات، فالمياه مقطوعة، والطرقات محفرة، مخربة، منعطلة، منعثرة، مبعثرة، وكله بفعل فاعل، فالمقاولون يأخذون المقاولات، ولكن خرابهم أكبر من صلاحهم، تحدثنا مراراً، وتكراراً عن العبث الذي تتعرض له عدن، ولكن يبدو أن هناك أذناً من طين، وأذناً من عجين، ولا ندري من يحكم عدن؟

من يحكم عدن؟ سؤال يطرح نفسه، فسالمين لبس طاغية الإخفاء، ورئيس حكومة الشرعية في سجن المعاشق الكبير، والبقية لا ندري أين اختفوا، فعدن اليوم كئيبة، حزينة، جريحة، مهدود حيلها، فالمخربون يخربون، والسلطة غائبة، فمن يحكم عدن؟

يا عالم، يا ناس، هذه عدن تعبانة، بلا ماء، تخيلوا عدن مدينة الحضارة، والتطور بلا ماء، أظن لو أخرج أبناء عدن آهاتهم، لهدت آهاتهم جبل شمسان، ولأغرقت صيرة، فأبناء عدن ظـُلِموا، وجار عليهم الزمن، وتفنن حكام الغفلة في تعذيبهم، رعاة، عراة جاءوا ليحكموا أبناء عدن، أبناء الحضارة، والتطور، هزلت.

يا عالم هذه عدن التي كانت لا تفارقها الكهرباء، واليوم طفي لصي، ومياهها كانت تطوف أعالي السطوح، واليوم يا الله تدهفها الدنمو، وطرقاتها كانت جميلة رائعة، ممهدة، واليوم يخربها المقاولون الفاشلون.

عدن مدينة المدنية بكل تفاصيلها، اليوم تجوبها العصابات، وتسكنها الفوضى، ويخربها الهمجيون، وتقطع شوارعها الحفريات، وتزكم الأنوف فيها مياه الصرف الصحي، عدن التي كانت زهرة المدائن، وحاضرة الجزيرة، وكانت لها رائحة مميزة، اليوم ضاقت المعيشة فيها، فأبناؤها يعيشون اليوم فيها في ظل بؤس، وحرمان، يعيشون اليوم همهم الأول والأخير هو البحث عن الماء، تخيلوا عدن يبحث أبناؤها اليوم عن الماء، عدن ترى سكانها يحملون أوعيتهم ليجلبون الماء، مصيبة، والله مصيبة، عدن التي درجة حرارتها الأربعين درجة في الصيف لا توجد فيها مياه، اصرخوا معي، اصرخوا حتى ينهد جبل شمسان على رؤوس حكام معاشق، فهذا قهر، وهذا استهتار بحياة الإنسان.

من أراد أن يحكم عدن فعليه أن يوفر الماء، والكهرباء، ويؤهل المجاري، والطرقات، ويمنع المسلحين، وينهي الفوضى، وليسكن ليس في الرياض، بل ليذهب حتى ليسكن في المريخ، وإن وفر لنا الخدمات فساعتها سنخرج ونحمله فوق الأكتاف، وسنحارب كل من يحاربه.

وفر الخدمات للشعب، وتعال، واحكم، وإلا في ستين داهية، فنحن نريد خدمات فقط، وهذا واجبكم، فأين أنتم يا حكام الغفلة؟ أما نحن، فنحن هنا في وطننا صامدون، وإن قطعتم عنا الماء، والكهرباء، وراكمتم الفوضى، إلا أننا سنظل هنا، والله معنا، لإن الله مع الصابرين.

مقالات الكاتب