باسم الشعبي:انتهى الحوار،فماذا بعد؟

-كان الحوار الوطني أبرز حدث شهدته اليمن بعد ثورة الشباب الشعبية السلمية والحراك السلمي في الجنوب وهو جاء نتاجا لها لإعادة رسم خريطة جديدة لليمن وليضع قواعد وأسس لبناء الدولة الحديثة التي يتطلع من خلالها اليمنيون للحفاظ على كيان الدولة موحدا خصوصا بعد بروز مطالب تنادي باستعادة دولة الجنوب التي دخلت في وحدة طوعية مع الشمال العام 1990 ميلادية.

-تمخض الحوار بعد عشرة أشهر عن رؤى ومشاريع مختلفة لبنية ومضمون الدولة اليمنية الجديدة، وكذا عن رؤية لشكل الدولة في صيغتها الاتحادية، وعن مبادئ وضمانات تنفيذ مخرجات الحوار وكل هذه الرؤى فضلا عن العشرين النقطة زايد الإحدى عشر النقطة التي طرحتها القوى السياسية لمعالجة الشق الحقوقي للقضية الجنوبية تنظر التنفيذ خلال المرحلة التأسيسية المقدرة بعام واحد وخلال هذا العام مطلوب إعداد دستور للدولة والاستفتاء عليه وكذا إعداد السجل الانتخابي وغيرها من المهام المنوطة بهذه المرحلة الحرجة والحساسة التي يتطلب من خلالها إظهار الملامح الحقيقية لليمن الجديد.

-مهام ومسؤوليات عديدة ..والسؤال كيف سيتم تنفيذها؟ما الذي يمكن عمله خلال عام واحد من الآن لإثبات مصداقية القيادة السياسية للدولة والحكومة وقوى الثورة الشعبية السلمية ولتطميين الشعب بأن ثورته ومخرجات الحوار تسير في الطريق الصحيح.

-أخذ الحوار الكثير من الوقت والجهد حتى بدأ للمتابع أن القيادة السياسية لم تنجز شيئا خلال الفترة الماضية منذ تشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية، أي خلال العامين الماضين، والمقصود بذلك حلول القضايا الحقوقية العالقة في الجنوب والملف الأمني الذي شهد تدهورا كبيرا والملف الاقتصادي الأكثر تعقيدا. كل هذه القضايا والملفات تتطلب حسم جدي وسريع حتى لا تتفاقم الأوضاع وتتعقد الظروف أكثر مما هي عليه فيصبح تنفيذ مخرجات الحوار في حكم المستحيل إذا ما اعتبرنا أن تنفيذ مخرجات الحوار بحاجة لبيئة ملائمة وحاضنة وهذه غير متوفرة الآن على الأقل في الجنوب.

- حينما نقول أن الحوار انتهى نقصد بذلك حوار موفنبيك، أما الحوار كقيمة حضارية فينبغي أن يستمر، فاليمنيون بحاجة لحوار مستمر ودائم ومتعدد الأشكال وفي مختلف الظروف حتى تترسخ قاعدة الحوار وثقافة التسامح والمدنية والقبول بالآخر المختلف، إذ أنه بدون هذه القيم لن نستطيع أن نقيم دولة ولن نستطيع القضاء على مشاكلنا وخلافاتنا التي هي تلعب دور المعيق أصلا للدولة التي ينادي بها الناس، ليست الدولة الاتحادية فحسب، بل دولة القانون والعدالة والمساواة..الدولة التي يحتكم فيها الشعب لمرجعية واحدة هي مرجعية القانون والدستور لا مرجعيات ما قبل الدولة.

-الجنوب..الجنوب..سأظل أردد هذه الكلام لإدراكي العميق بأن الجنوب تعرض للكثير من الإهمال والإقصاء وتعرض للعبث في أرضه وثروته، ولو تم استغلال ما في الجنوب من خيرات لمصلحة الشعب اليمني لما احتجنا لكل هذه الحلقات الصعبة من الحوار ولما احتجنا للتضحية بالدماء..عموما فليكن الماضي بمثابة درس للجميع نستلهم منه الدروس والعبر لا محطة للضغينة والانتقام لأنه بهذه الطريقة لن نستطيع معانقة المستقبل بل سنظل ندور في حلقة مفرغة من الصراعات التي نفقد معها كل يوم شعبنا ووطنا لمصلحة مشاريع العنف والتجزئة.

نقلا عن صحيفة الثورة اليومية

مقالات الكاتب