الشرعية والانتقالي وشعار (كيف عر تتقرب) ؟

ضاع اتفاق الرياض في رمال أبين، فبعد اتفاق الرياض كنا نظن الظروف ستتحسن في الحبيبة أبين، ولكن للأسف، لم يُحدث الاتفاق تقدماً يُذكر، وظلت القوات، ومازالت، تراوح في مكانها، وربما زادوا في الجانبين، اليوم الجبهتان يردد كل منهما، ما قد ردده بن علوي، بقوله: كيف عر تتقرب؟

وخوفنا كل الخوف أن يتهور أحد الطرفين، ويتقرب، ويقول بصاحبه سكته في الليل قب، قب، قب، ويا خوفي لو قال طرف بالطرف الآخر، قب، فساعتها ستتكاثر، القبقبة، وسيفرح المتمصلحون، وسيستفيد السرق، والنهابون، وتجار الحروب، وستطول الحرب، ولن تجلوها السبعون يوماً، وربما ستتوالد منها حروب داخلية كثيرة، وربما ستكون هناك حروب قبلية، ومناطقية، ولو لم يتدارك الساسة اليمنيون مخاطر، كيف عر تتقرب؟ فإن أحد الطرفين سيقول بالطرف الآخر في الليل قب، وساعتها، سنبكي على الأطلال، وسينعق الغراب، ولن ترى إلا البوم تحوم فوق المنازل المهجورة، فتنبهوا يا قوم، فالخطب جلل، ولن يستطيع أحد أن يقي قدميه من لهيب نار الحرب، ولن يستطيع أن يرفع ثوبه من حممها، وستطفو الجثث فوق الجثث، وستغوص الأقدام بين الأفواه المتساقطة، وستمارس النساء طقوس الحزن بين جثث القتلى، وسيقتل المغرمون بالقتل كل شيء يتحرك، حتى أغصان الشجر، لو تمايلت لأطلقوا عليها رصاصات الرعب، وستعيش البلاد بلا لغة، ولا كلام، وسيمارس الجميع لغة الصمت، والسكون، والسكوت المطلق.

لا أقول لكم هذا الكلام لمجرد الاستهلاك الإعلامي، ولكنها الحقائق على الأرض هي من تقول ذلك، فاتفاق الرياض مر عليه ما يقارب الشهر، ولم ينفذ من بنوده أي بند، وظل الطرفان يتمسكان بما كانا عليه قبل الاتفاق، وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على أن أحد الطرفين سيقول بالطرف الآخر سكته في الليل قب.

اليمنيون تعودوا أن بعد كل اتفاق، لابد من أن يتجرأ طرف، ويكون مستعداً ليقول بالطرف الآخر قب، وسكته، ومتى؟ بالليل، والناس نيام، ونصبح الصباح على انتصار صريح، لا غبار عليه، وما وثيقة العهد، والاتفاق إلا خير مثال.

طرف الشرعية وقع، والانتقالي كذلك وقعوا، فمن يا ترى وقّع الآخر؟ أظن الكل وقع في مطب، وما عاد هم عارفين كيف الخروج، فأصبح الطرفان جاهزين لل ((قب))، وسكته، وبالليل، وربنا يستر من الوصول إلى درجة المواجهة.

مقالات الكاتب