اليمن والمتغيرات الدولية

تتجه اليمن إلى الدخول في مرحلة جديدة من أزمتها ، ربما تكون أشد وطأة وقسوة من سابقاتها من المراحل في ظل بروز مؤشرات سلبية لها وعلى أكثر من صعيد ، و يزيد من تعقيدات الأزمة حالة الارباك التي سادت اللحظات الاولى من انجاز اتفاق الرياض والتوقيع عليه ، وتعثر سلاسة الانخراط في تنفيذ بنوده ، مما يوحي بحدوث محاولة التفاف غير معلنة عليه ، وان كانت متوقعة لكنها ليس بهذه السرعة المخيفة التي تعرض الاتفاق للموت السريري المبكر على حجم وفداحة التبعات المترتبة على ذلك .

بوادر الازمة قد تتسبب في اثارة اوجه التنافر الواضح في اجندة قطبي التحالف في الرياض وابوظبي تجاه اليمن وقد تدفع بها الى الوصول الى مفترق الطرق ، ولربما ذهبت إلى أبعد من ذلك وايقظت ثورة الشك والريبة من جذورها بين القطبين القائمة العلاقة بينهم اصلا على تاريخ ملغوم وملئ بالمؤامرات والمطبات التي تتضح حينا وتختفي احيانا .

وعادة انزالق الخطوة الأولى في هذا النوع من الاتفاقات التي يجبر عليها الأطراف المعنية بها ، يكون لها مضار سريعة تتفشى بسرعة البرق في تفاصيله وتقضي عليه ، مع اشاعة نوع من الغموض المصطنع حول ذلك ، والتي بالإمكان استشعارها في مظاهر الأحداث المترتبة على خشية الوقوع والانهيار للاتفاق الآيل للسقوط اليوم او غدا .

ولا نريد اغراق انفسنا في التشاؤم الذي لابد من الاغتراف منه فقط والاقرار بالمضي نحو مجاهل اخرى غريبة للازمة الجديدة التي تقف على اعتابها اليمن مع التحالف اليوم في ظل ضبابية مشهدها السرابي المخيف في الداخل والذي يخيله الضمان ماء ، وتزداد بلة ولو بالترياق ظهور تسريبات عن قنوات تواصل بين المملكة والحوثة .

واليمن لم تتعرض لعملية قرصنة دولية للوصول الى اطماع غير معلنة في المنطقة و لكنها اختيرت وبرغبة صارخة لهذه المرحلة باعتباره الاقدر والاقوى على تحمل و خوض مثل هذا النوع من الصراعات التي قد تذهب باطراف محلية واقليمية فيها ، وقد تستفيق المنطقة على واقع مغاير في حياتها يعيد رسم خارطتها الجيوسياسية من جديد وبصورة لا تتوقعها الاذهان .

اذا اليمن اختيرت بعناية فائقة لتكون الحقلة الأولى في مسلسل المتغيرات الجذرية التي قد تشهدها المنطقة على طريق سقوط امبراطوريتها المالية ، وقد يتوقف مستقبل هذا التوجه الدولي على خسارة رهاني الحرب والسلم فيها ، ولكنها ستبقى وبكل تأكيد مفتاح المتغيرات الدولية في المنطقة .

 ومشهد اختيار اليمن في ريادة منظمومة الديمقراطيات الناشئة ليس منا ببعيد و تحسب في الاطار العام للاستراتيجيات الاساسية للنظام الدولي الجديد .

مقالات الكاتب