اليمن عظمة الأرض والإنسان
اليمن بلد الحضارات، ومنبعها الأول في الركن الجنوبي من جزيرة العرب ، تلك الحضارة التي تمدَّدت حتى غطت رقعة واسعة تجاوزت حدود اليمن التاريخية ، ثم انكمشت ، وتوارات تحت ركام القرون ، بعد أن مضت فيها سنن التاريخ .
بلد الثلاثة الآف سنة قبل الميلاد ... قرون محملة بثمار الحضارة ، والإبداع ، والرقي ، شبَّت، فشاخت ،فهرمت ، ثم ماتت وهذه هي سنة الله في الأمم ،الحضارات .
ظلت مقومات الإبداع والعظمة سارية في إنسان هذه الرقعة من كوكب الأرض ، كمميزات تميَّز بها عن محيطه الجغرافي الذي لازال أسير البداوة ، رغم الرخاء المادي الذي ترفل فيه شعوب محيطه ، لكنها لم تنتج إبداعًا ، ولم تضف شيئًا إلى الحضارة الإنسانية ، لعدم وجود الامتداد الحضاري، والتاريخي الذي يُعد الأساس الذي تبني عليه الأجيال المعاصرة حاضرها .
بنى الإنسان اليمني السدود، والمدرجات، والحواجز المائية،حتى عُرفت اليمن بالسعيدة ،والخضراء ، وأبداع إنسانها في إيجاد الوسائل ، وجادت أرضها بالخيرات والزروع والثمار المشهورة، حتى يخيل لمن يسمع عن اليمن ولم يراها أنها بلد تفيض بالأنهار ، في حين أنها بلد قليل الأمطار، إلا من إمطار موسمية تهب في أشهر معلومة من السنة ، لكن عقل هذا الإنسان استطاع التغلب على شح الطبيعة ، وأحسن استغلال هذه الموارد الشيحة؛ فاستخدمها طوال أيام السنة .
ماذا لو أمتلك هذا الإنسان موارد مائية دائمة؛ كالأنهار التي تشق كثيرا من البلاد العربية كمصر والسودان والعراق ؟
ماذا سيفعل لوكانت لديه مواردًا نفطيةً، أو سُمح له باستخراج مافي باطن الأرض اليمنية من نفط وغاز وغيرها من المعادن ؟ كالفرصة التي حصل عليها محيطة في دول الخليج ؛ كيف سيكون حال هذا البلد ؟
ماذا سيفعل هذا الإنسان صاحب الطاقات الجبارة ، والأفكار الخلَّاقة ، لو منحته الأقدار نظاما سياسيًا عادلًا ، ودولة رشيدة ؟ تقضي على الظلم والفساد ، وتحقق المساواة، والاستقرار،وتسخَّر ما يملكه الإنسان من إبداع ، وإرادة ، في البناء والتنمية ؟ بدلا من الحروب والصراع .
ماذا سيفعل هذا الإنسان المبدع ، لو تركت له الفرصة لإدارة مواردة البشرية ، وماتختزنه الأرض في باطنها ، وتحمله على ظاهرها من موارد طبيعية ، وهُيَّات له فرص البناء وسبله ، بدلًا من الصراعات السياسية التي أثقلته بالفقر والجهل ؟
أثبتت سنوات الحرب أن الشعب اليمني شعب جبار، عصي على الانكسار ، رغم قساوة الظروف المعيشية ، والفوضى الأمنية ، وغياب الدولة .
سعيد النخعي
القاهرة18/نوفمبر/2018م