وحـــدةُ المُشتبـــهِ بهـم..!!

جيرالد فايرلستاين "السَّفير الأمريكي السَّابق" الذي هو على استعدادٍ أن يعمل أيَّ شيءٍ من أجل أن تضلَّ الوحدة الإسلامية أو حتى العربيَّة قائمة ، "صالح "رئيس الجمهوريَّة السَّابق الذي مورس الفساد والظُّلم والعسف ونهبُ الأراضي وتسريح الضُّبَّاط والعسكر كلُّ ذلك كان في ضلِّ حُكمه ، منذُ ابتدأت الوحدة التي شوَّهها هو ونظامه وتحت ضلِّ عرشه ، حيث جعلها تارةً وسادةً يتوسَّدها تحت رأسه متى ما أراد النوم ، وأخرى يضعها بين رجليه أو تحتهما ، "يدوميِّ الإصلاح" هو الآخر بينه وبين الجنوبيِّين الكثير من الحساسيَّات المستفزة لهم بعد الفتاوى والمواقف الظَّالمة والشَّريكة منذُ 94 وحتَّى سقوط "الحلف الصالحي" .

والتي تمَّ استنكارها من قبل مشائخ أجلَّاء آخرين من معظم الأقطار حينها ، وأخيراً وليس آخراً الكائن الغريب "صاطق الأحمر" رئيس وممثِّل أكبرِ تجمُّعٍ همجي - عفواً - قبليٍّ ولا زال على عهده الأول يقود أتباعه بعقليَّة الخِرفان والجِرذان وما شابه أردف ، فهو رجلٌ نافذٌ كما هم إخوته وبنِيه في "الدَّولة المدنيَّة" التي تتبع أملاك الأسرة أيضاً ! ، هذا غير القصور والأموال المُكدِّسةٌ والمكتنزة بسبب استثماراتهم الوحدويَّة العادلة التي أوتوها على علمٍ ! ، وأما عن "الجنرال الأحمر" فلا تسألني عنه ، هي كلمتين اختصرهما الرئيس ناصر "أفعاله أمضى من أقواله" ! .

هؤلاءِ الخِرفان الخمسة المذكورين آنفاً بالحرف ، لم يجمعهم شيءٌ سوى هدفٌ واحدٌ مشتركٌ ونبيل كما يقولون، هو حبُّ الخير لليمن وكل يمانيِّيه من المساكين والبسطاء ، هؤلاء ما جمعهم إلا إيمانهم الرَّاسخ بالوحدة ، التي هُم لها آكلون ، ومنها - وحدها - يستفيدون ، وحتى يومنا هذا لا يُريدون أن يتنازلوا عنها قيد أُنمُلة ، كيف لا ، وهي البقرة الحلوب الودود !، بحقِّ الله أهؤلاء هم من سيُحافظون على الوحدة .. ( الحقيقيَّة ، الاسلاميَّة ، القوميَّة ، العظيمة ، والمقدَّسة أيضاً ) ، التي تقوم على العدل والمساواة !.

هؤلاءِ يا قوم - وبكلِّ بساطةٍ - من أوصل اليمن إلى سواء الجحيم ، هؤلاء هم في الحقيقة أعداء الوحدة ومُرهبيها ، هؤلاء بالضَّبط هم من يُردِّدون شعاراتٍ هوجاءَ كقرون ثيرانٍ بربريَّة ، والتي يستحي عن ذكرها كلُّ ذي لبٍّ ، وصاحب كلِّ ذي منطق سليمٍ ومحايد ، هؤلاء - للأسف - هم من آمنوا بقولهم الثَّابت الذي اجتمعت ألسنتهم عليه في مفارقةٍ عجيبةٍ حين قالوا - ومن دون تبلٍّ منَّا – وبالحرف الواحد:"الوحدة خطٌ أحمر"، أهؤلاءِ هم حُماة الوحدة وحرَّاسها ؟، يا قوم أجيبوا داعي الوحدة ..!!

بينما في الدفَّة الأخرى يُطالب الجنوبيُّون المظلومون والمغلوبون على أمرهم ، بفكِّ ارتباط دولتهم التي دخلت في حِلفٍ مشروطٍ تحت اسم الوحدة الاسلاميَّة أو والقوميَّة ولكنَّ الظنَّ خاب وخيَّبه - للأسف - الظلمة الفاسدون وسرابيلهم ، وخِطاب البيض الذي يُعدُّ الرَّجل الأوَّل في هذه الدَّعوة ، والرَّجل "المُتطرِّفُ" حدِّ قول الكثيرين من أنصار الوحدة ، حين اعترف بعدم قدرة جيله وجيل أقرانه على تحقيق الوحدة المنشودة ، "ولربَّما تُحققها أجيالنا القادمة أفضل منَّا " كما قال ، هو ذا اعترافٌ بملءِ فيه ، و مِن أعلى هرمٍ مُتطرِّفٍ يهرع نحو فكِّ عقد الزَّواج المكتوب - أصلاً - بـ"صيغة الطَّلاق" ، والذي لم تُحقَّق من شروط الشَّراكة غير الظُّلمِ وإقصاء الآخر ، غير شعبتي الأصل والفرع !.

هذه الخطوط " الدَّمويَّة الحمراء" و " المُشتعلة ناراً وجحيماً " ، لم تأتي هكذا اعتباطاً ، بل أتت محكومةً بنظريةٍ يسمِّيها علماء وخبراء الذَّات الاجتماعيِين والنفسانيِّين بحالة "غسيل الدِّماغ" ، لمن يسمعها من المُتعاطفين مع الوحدة الاسلامية الحقَّة التي يريدها جميع المسلمين ، فيُحاولون بهذه الأقوال تجييشُ وتحشيدِ الشَّارع لإعادة إنتاج سلعهم البائرة ، كونهم التُّجار الوحيدون الذين لهم ( حفظ صلاحيَّة الوحدة من الانتهاء ) ، وكون كلِّ واحدٍ منهم هو صمَّام الأمان ، ولولاهم لاندثرت الوحدة ولأُهِلَّ عليها التُّراب ، ما بال هؤلاء يخالونها بسكويت "أبو ولد" .. ربما .. سبحانه كيف تفكِّر هذه الكائنات اللَّزجة !.

إنَّ ديناميكيَّة ذلك الفعل النَّفسيِّ يأتي محكوماً بتحويرٍ فكريٍّ أو ما يُسمى بـ"الإقناع الخفي" ، وإن كان من البلادة استخدامه في هكذا موضعٍ للدِّفاع عن الوحدة بطريقة سمِجةٍ عمياء ، تزيد من وتيرة المُطالبة بفكِّ الارتباط ولو بنحوٍ لا شعوري ، كما يقول إخواننا الجنوبيون ، وهذا هو سرُّ بقاء هذه الأطراف السِّياسية التقليدية حتى الآن ، متصدرةً المشهد السِّياسي برمَّته في طول البلاد وعرضها ، وهنا يحاولون في مثل هكذا شعاراتٍ ، أن يبثُّوا مشاعر وعواطف دفَّاقةٍ قويَّةٍ و مؤثِّرة ، تُشتِّتُ عقل المواطن المسكون بفكرة الوحدة ، وتُشِلُّ قدرته على التَّفكير السَّليم .


كلُّ هذا يأتي نتيجة تعطيلٍ مؤقَّتٍ لمنطقة "المنطق" في المخ ، والتي تُعْتَبَرُ المسؤولة عن مقاومة تجريف الأفكار الجديدة والغريبة إلى المخ ، كان بمقدور هؤلاء الحفاظ على وحدتنا المنشودة "بعزلها عنهم أو تحصينها منهم فقط" ولا يزالون حتى اليوم ، على استعدادٍ كاملٍ لإشعال خرائط من خطوطٍ وحرائق أخرى ، أكبر من سابقاتها ، والوحدة – وحدها - من لا تزال مُترقِّبةً وواقفةٌ على أطراف أصابعها ، تنتظر الفِكاك من شرِّ ما خلق ، النَّفَّاثين في العُقَدْ..!

مقالات الكاتب