خمول الأحزاب
تثبت الحياة الحزبية يوما عن يوم تراجع العمل الحزبي المدني كثيراً في
دولة تتطلع إلى البناء من جديد وفقا لشكل ومضمون جديدين يلبون التطلعات
الجماهيرية.
لم تكن الأحزاب كما يبدو جاهزة للفعل الثوري بكل أبعاده لذلك تعاملت معه
باعتباره مجرد موجة أو حالة عابرة ينقلها من ضفة المعارضة إلى ضفة السلطة
لذلك يمكن القول أن الأحزاب اختزلت فكرة الثورة ووظفتها لمصلحة فعل آني
مجرد زواله سيكشف عن فراغ حقيقي في بنية الأحزاب السياسية القائمة على
فكرة الشللية والنفوذ الاجتماعي لا على العمل المدني والتنظيمي الراقي
وفقاً للبرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي..لا ادري هل الأحزاب لا
تريد أن تتطور أم أن المجتمع هو الذي يلقي بكوابح أمامها؟
الثورة حالة عميقة لا تستهدف الأنظمة أو رؤوسها فحسب بل كل أدوات المجتمع
بما فيها الأحزاب والحركات السياسية للانتقال بها من عهد إلى عهد ومن
مستوى إلى مستوى يتوافق مع الحاجة المتطورة والمستوى المرتفع لمطالب
التغيير في البلاد العربية لا سيما اليمن.
المهتمون بالثورات الشعبية يدركون أن الأحزاب ما هي إلا أدوات ثورية
وليست الثورة كلها وعندما تختزل الأحزاب الثورة داخلها يعني ذلك أن خللاً
ما قد حدث أدى بالفكرة الثورية إلى أن تصبح مختزلة داخل جماعة اجتماعية
أو سياسية نافذة بما هي فكرة شاملة وجماهيرية تتخذ من القيم الإنسانية
والإسلامية(العدالة -الكرامة-المواطنة-الحرية..) وقودا ومحركا
لاستمراريتها بأشكال مختلفة.
أثبتت الأحزاب أنها عناصر خاملة داخل المجموعة الثورية وهي اعتمدت على
الزخم الشعبي الثوري الذي ولد حراً ومتحرراً ورمت بثقلها داخله دون قراءة
الفكرة الثورية عميقاً ومن هنا ذهبت تختلق المبررات وتقدم الحجج لفعلها
السياسي القديم الذي أقحم داخل العملية الثورية متحولاً إلى عائق أمامها
يلبي حاجتها لفعل يتسق مع ماضيها الذي تأبى مغادرته وتتعامل معه كنموذج
في مواجهة حركة جماهيرية متحفزة ونشطة سقفها في التغيير مرتفع..وعملت على
تحويلها (لبعض الوقت) لمجرد ورقة ضغط لتحسين شروط مناوراتها السياسية
التي لم تستجد منذ كانت قبل الثورة وحتى الآن.
الحركة الجماهيرية التي ترتفع مطالبها في التغيير عن الأحزاب والحركات
السياسية يفترض أن تلعب دور قوى الضغط الحقيقية عبر الأشكال والوسائل
الثورية المختلفة لا أن تصبح أداة طيعة يتم توظيفها كورقة ضغط،عليها أن
تتحول من كونها ورقة ضغط في يد السياسة إلى قوة ضغط عليها لمتابعة مسار
التغيير وتحقيق أهداف الثورة.