هل مازال هناك متسع للعقل؟!

يقيني أن سلوكيات ابناء الجنوب تجاه بعضهم هي مخرج طبيعي لثقافة صراع مر بها الجنوب منذ نيله الاستقلال في 67م، وعدم قدرتهم على التعايش السياسي والقبول بالآخر وضرورة ان يباد احد الأطراف او يتم نفيه خارج اسوار الوطن لمصلحة المنتصر.
تاريخ الجنوب مليء بالمنتصرين والمهزومين، ومليء بالعبر التي نتجاهلها اليوم ونعمل على استنساخ ذات السلوكيات، والتمترس خلف عقلية إلغائية لا تقبل بالتعايش مع الآخر، وتحيك حوله الدسائس، وتحيطه بالتهم التي تهدد وجوده.
ما يجري في الجنوب هذه الأيام من تعبئة قذرة بين قوى الحراك الجنوبي من جهة واعضاء تجمع الإصلاح من جهة أخرى تنذر بفصل جديد من ماضي الجنوب ربما بدأت تباشيره تلوح في الأفق.
على العقلاء في قوى الحراك الجنوبي والإصلاح - إن كان هناك عقلاء- العمل على إخماد الفتنة، والإيمان بأن الجنوب وطن لكل ابناءه، وان زمن الوصاية قد ولى، ولا يستطيع اي طرف مهما كانت امكاناته وجماهيريته ان يقرر مصير الجنوب دون باقي الأطراف الموجودة على الساحة الجنوبية. الا اذا كان البعض يرى انه الأحق دون سواه، وانه الوصي على هذا الشعب وهذه الأرض، فليس امامنا الا الاستعداد لمرحلة الخراب.
ليس لمصلحة ابناء الجنوب بمختلف اطيافهم واتجاهاتهم في هذه المرحلة بالذات ان تتحول ارضهم الى ساحة لتصفية الصراعات الذاتية.
ان منهجية الصوت الأوحد ستأخذ الجنوب نحو مآلات كارثية لن ينجو منها أحد وستضيع معها كل الآمال وكل المشاريع، وسيبقى صوت المدافع ورائحة الموت يتسيدان المشهد كما يريد لذلك عشاق الحروب وتجارها.
حرروا العقول من ارتهانها للجنان، ودعوها تمارس وظيفتها التي صممت من اجلها، كفانا عبث بارواحنا واجسادنا.. نتمنى ان يكون من قتلوا وجرحوا واعتقلوا واهينوا اخر الضحايا.. دعونا نعمل معاً على طريق المستقبل الجامع، لا نريد مقتولاً ولا منفياً، نريد نرى الكل يشارك، والكل يعيش، من اجل الحياة ومن اجل الكرامة.
فهل بقي شيء من عقل؟



مقالات الكاتب