حكومة «دليفري»

حظيت محافظة الحديدة باجتماعين استثنائيين للحكومة، تمت فيهما مناقشة «الاحتياجات العاجلة» للمحافظة، وهي خطوة تستحق الإشادة بأن نرى حكومة «دليفري»، تناقش هموم كل محافظة في مقرها، وتعقد خلال أسبوع ثلاثة اجتماعات، اثنان منهم استثنائيان.

 

سُيقال، أو قد قيل، إن الحكومة «هربت» من صنعاء بسبب احتجاجات الجرحى أمام مقرها إلى الحديدة، ومع أنه كان من المفترض على حكومة الوفاق عدم السماح لقضية جرحى الثورة أن تتسع بهذا الشكل المحزن والمشوّه لصورتها، إلا أن محافظة، مثل الحديدة، فيها من الجروح والأورام الخبيثة والأوجاع ما يستحق النزول إليها لمدة يومين وأكثر.

 

يُؤخذ على الحكومة الحالية كثير من المآخذ، لكن يُحسب لها هذه الاجتماعات الاستثنائية في عدد من المحافظات: تعز، عدن، والحديدة، وعلى الرغم من عدم وجود ثمار ضخمة لنتائج تلك الاجتماعات، إلا أن الحكومة معنية بمواصلة النهج، ومتابعة تنفيذ قراراتها.

 

منذ التفجير الإرهابي أمام بوابتها، قبل أشهر، لم تجتمع الحكومة في مقرها الرئيس، ولذلك من الجميل أن تواصل برنامج زيارة المحافظات التي تحتاج أن تزورها الجهات المختصة وتشاهد ما يعانونه عن قرب.

 

مثلا، لماذا لا تقوم الحكومة بزيارة خاطفة إلى جزيرة «سقطرى»، بعد الزيارة الجميلة للحديدة. صحيح أن سقطرى ليست محافظة، وسيستكثر البعض أن تزورها الحكومة بفريقها الكامل، لكنها «جزيرة» ساحرة تستحق اجتماعاً استثنائياً حتى ولو كان مدته نصف ساعة زمن قبل أن يستغلها السلاطين والمطالبين بالاستقلال.

 

لا تعرف الحكومة سقطرى ربما ولم تدرك أهميتها بعد، لكن ما زال بإمكانها أن تنقذها بعمليات بسيطة، وتحظى بشرف الحفاظ على كنز، عكس بقية الجزر اليمنية التي رصعها النظام السابق بالفاسدين واللصوص، وتبدو عملية مداواتها معقدة إلى حد ما.

 

في سقطرى ستكتشف الحكومة أن الأمر لا يستدعي مؤتمر مانحين لجعلها جزيرة ساحرة وعنوان جديد لليمن، بل قليل من الاهتمام بالخدمات الأساسية، ابتداءً بشبكة الكهرباء التي لا تعرفها الجزيرة سوى ليلا لأنها تعمل بمولد يتواجد في حوش أصغر اللصوص في صنعاء، وانتهاءً ببقية المشاريع الخدمية البسيطة التي تتوفر في مديرية «الحدأ» مثلاً.

 

سقطرى بحاجة إلى إنعاش سياحي عال، يعيد لها وهجها، ويجعلها جزيرة ساحرة بحق، وماليزيا جديدة في وجه السياح.

 

هل تعرف الحكومة أن الفندق السياحي الوحيد في الجزيرة والذي كان قصر الضيافة قد تحول إلى فندق يمتلكه الفندم «يحي صالح» بعد أن قامت السلطة المحلية بحضرموت، خلال فترة هلال بتأجيره له لمدة 99 عاماً، وبمبلغ قدره 10 آلاف ريال شهرياً، ولكنها لا تُسلم أيضا للسلطة المحلية، كما يقول الأهالي، وأن «محكمة حديبو» قد تحولت إلى مقر للمؤتمر الشعبي العام، ومع ذلك، يمكن القول إن النظام السابق، لم يتفرغ للجزيرة بشكل نهائي، وكان يتركها إلى مرحلة قادمة، حتى ينهشها كما نهش عدن.

 

على الحكومة أن تُيمم شطرها باتجاه سقطرى وتنقذها من الموت البطيء الذي تعيشه، وخصوصاً في المجال السياحي. إذا فعلت ذلك، سيكون لدينا جزيرة أهم من «شرم الشيخ»، وإذا أنجزت هذه المهمة خلال هذه الشهور سيقول الناس: هذه حكومة تحب اليمن، هذه من أحيت سقطرى.

مقالات الكاتب