لعبته تحولت إلى لعنة.. جيسوس يفشل في الاستيقاظ من كابوسه
اصطدم المدرب المخضرم، جورجي جيسوس، بإخفاق جديد في مشواره، الذي بدأ قبل أشهر قليلة مع النصر السعودي.
المدير الفني السابق للهلال، الذي حقق إنجازات بارزة على مستوى الأرقام والنتائج والبطولات في قيادته للزعيم، كان من المتوقع أن يقدم ما هو أفضل، عندما تولى القيادة الفنية للنصر.
ذلك لأن جيسوس، صاحب الخبرات الطويلة، يعشق التحديات، كما أنه يتولى قيادة فريق يمتلك نجوما بارزين على رأسهم كريستيانو رونالدو، بالإضافة إلى انتدابات قوية أجراها العالمي لتدعيم الصفوف على أكمل وجه، في كل المراكز.
فقد استعاد النصر حارسه المتألق نواف العقيدي، بعد توهجه بقميص الفتح خلال فترة الإعارة في الموسم الماضي، كما ضم النادي العاصمي اللاعب البرتغالي جواو فيليكس، الذي يقدم مستويات مذهلة في بداية مشواره مع الفريق، إلى جانب الفرنسي كينجسلي كومان من بايرن ميونخ، ومدافع برشلونة إينيجو مارتينيز.
كل هذه الصفقات كان من المنتظر أن تكون وقود النصر لتحقيق البطولات، فالألقاب كانت بمثابة عقدة نصراوية طاردت أكثر من مدرب، بداية من رودي جارسيا الذي ترك منصبه للبرتغالي لويس كاسترو، آخر من حقق لقبا مع النصر في صيف 2023 عندما فاز بكأس البطولة العربية للأندية، مرورا بالإيطالي غير الموفق ستيفانو بيولي، وأخيرا جيسوس الذي خسر للتو ثاني بطولة مع الفريق، بتوديع كأس خادم الحرمين الشريفين على يد اتحاد جدة (2-1).
لعنة الإقصائيات
ورغم الخبرة الكبيرة للمدرب جيسوس، وتميزه سابقا مع الهلال على مستوى المواجهات الإقصائية، إلا أنه يبدو أن لعنة ما أصابته وجعلته يفقد سحره وبريقه الخاص.
فمنذ آخر فوز له بلقب، وكان ببطولة كأس السوبر السعودي قبل بداية الموسم الماضي، على حساب النصر تحديدا، لم ينجح المدرب في الفوز بأي مباراة إقصائية مهمة في مشواره.
رحلته مع الهلال الموسم الماضي لم تكن موفقة على صعيد الأرقام والبطولات، إذ فشل في مواجهة إقصائية هامة ضد الاتحاد، في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين، ليخسر بركلات الترجيح.
التقدّم مرتين لم يشفع لهلال جيسوس لتجنب ريمونتادا اتحادية بطلها بنزيما، ليخرج الزعيم مبكرا من البطولة التي كان يحمل لقبها.
ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل كانت الإقصائية الأهم على صعيد دوري أبطال آسيا للنخبة، وفشل فيها أيضا جيسوس، عندما خسر أمام الأهلي في نصف النهائي بنتيجة 3-1، ليتواصل الإخفاق مع المدرب الذي كان يحكم قبضته دائما على مثل هذه المباريات، ويديرها بالطريقة التي تمنحه التفوق على منافسيه.
بداية صادمة
مع النصر، توقع الجميع أن يقدم الفريق وجها مختلفا تحت قيادة جيسوس، وأن يتجاوز صدمات الماضي وإخفاقاته، لاسيما في بطولات الكؤوس.
فجماهير النصر كانت تتمنى تحقيق لقب يكسر العقدة واللعنة، حتى ولو لم يكن الدوري أو آسيا، وإن كان سقف طموحات جيسوس أكبر من ذلك.
لكن البرتغالي اصطدم بأرض الواقع، عندما فشل في الحفاظ على تقدمه ضد الأهلي، في نهائي كأس السوبر السعودي، بداية الموسم الحالي، ليتيح للراقي فرصة حصد اللقب.
عقدة جيسوس لم تعد فقط أمام يايسله، بل امتدت إلى بطولة كأس الملك، إذ اصطدمت طموحات النصر بفريق يقوده سيرجيو كونسيساو، ليعرف رونالدو ورفاقه فشلا جديدا في بطولة بنظام خروج المغلوب.
وفكرة أن يخسر مدرب بطولتين في 13 مباراة فقط مع الفريق، تبدو صادمة للنصر، فإذا كان جيسوس قد خسر كأس الملك ودوري أبطال آسيا مع الهلال، فإنه فعل ذلك وقتها في 99 مباراة رفقة الزعيم، حملت بعضها مشاهد سعيدة.
فلسفة العناد
لا يبدو جيسوس من نوعية المدربين الذين يميلون للاعتراف بأخطائهم، أو القول بوجود خلل يحتاج إلى علاج، فهو يرى دائما أن أي كبوة أمر وارد، وأن المشكلة ليست في النظام الذي ينتهجه، ولا في التكتيك الذي يختاره للمباريات.
ونال جيسوس انتقادات فنية لاذعة من محللين وخبراء، بسبب الطريقة التي اعتمدها ضد الاتحاد، خصوصا في مسألة الدفاع المتقدم، الذي يترك مساحات كبيرة أمام مرتدات المنافس.
وفي مثل هذه المباريات الإقصائية، يكون الاندفاع الزائد غير مطلوب، لكن كبرياء المدرب البرتغالي ربما دفعه لمحاولة حسم الأمور من الشوط الأول، ضد الاتحاد الجريح من كلاسيكو الهلال، علاوة على خسارته ضد النصر نفسه قبل شهر.
لكن تكتيك البرتغالي الآخر سيرجيو كونسيساو كان أكثر واقعية وذكاء، ومناسبا بشكل أكبر لمتطلبات المباراة الإقصائية، حيث تعامل معها بأسلوب عملي، نجح من خلاله في خطف الانتصار بأقصر الطرق.
ويُعرف جورجي جيسوس بشخصيته القوية، وحماسه الشديد على الخطوط، إذ يتمتع بقدرة عالية على تحفيز لاعبيه، لكنه في الوقت نفسه يتعرض لانتقادات، بسبب عناده وتمسكه بأفكاره التكتيكية، حتى في المواقف التي تتطلب مرونة أكبر. لكن رغم إخفاقاته الأخيرة، يظل من أبرز المدربين البرتغاليين خبرة وتأثيرًا.
