مبابي سحب البساط.. هل يكتب فينيسيوس نهاية قصته الملكية بصدامه مع ألونسو؟

المدنية أونلاين/كووورة:

منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها ريال مدريد تعيين تشابي ألونسو مديرًا فنيًا للفريق، بدا أن النادي يتجه نحو مشروع يقوم على إعادة تنظيم الأفكار.

كان واضحًا أن المدرب الجديد يأتي وفي ذهنه تصور محدد عن شكل الفريق وانضباطه وديناميكيته داخل الملعب، وهو تصور لا يمنح الحرية المطلقة لأي لاعب مهما كانت مكانته أو تأثيره. 

في الوقت ذاته، كان فينيسيوس جونيور يدخل الموسم وهو يشعر بأنه أحد الأعمدة التي قامت عليها النجاحات الأخيرة للنادي، خصوصًا بعد رحيل كريم بنزيما وتحوله إلى الاسم الأول في الثلث الهجومي. 

وهكذا بدأت العلاقة من نقطة التقاء ودية، لكنها حملت داخلها بذور اختلاف فلسفي لم يتأخر في الظهور.

في أول أسابيع العمل، حرص فينيسيوس على إرسال رسائل إيجابية. ففي مقابلة قصيرة مع قناة النادي، قال: "أنا سعيد بالمدرب الجديد، تحدثنا بالفعل، ونعرف ما نريد تحقيقه. نحن هنا للعمل من أجل الألقاب".

كان ذلك التصريح يعكس استعداد اللاعب للتعاون والاندماج في المشروع الجديد، لكنه في الوقت نفسه كان يحمل معنى آخر غير مذكور صراحة: فينيسيوس يرى نفسه لاعبًا لا يُمس، ونجمًا أول يجب أن تُبنى حوله التفاصيل لا أن يُعاد تشكيل دوره.

على الجانب الآخر، كان ألونسو أكثر تحفظا في لغته. تحدث باحترام عن اللاعب، لكنه لم يمنحه مكانة استثنائية في العلن، بل حرص على صياغة رسائله بنبرة جماعية واضحة. 

وقال ألونسو في أحد المؤتمرات: "فينيسيوس لاعب مهم، ونحن نحتاجه، لكن القرارات تُتخذ لمصلحة الفريق. أحيانًا تبدأ، وأحيانًا تدخل من الدكة. هذا طبيعي في فريق كبير".

كانت تلك الجملة كافية لتلخص الفارق في الرؤية؛ لاعب يبحث عن مركز ثابت في القمة، ومدرب يريد مجموعة تتحرك بإيقاع واحد.

مع انطلاق الموسم، بدأت فلسفة ألونسو تظهر تدريجيًا. لم يكن فينيسيوس يحصل دائمًا على 90 دقيقة، وتكرر استبداله في مباريات متتالية، حتى وهو يصنع الفارق هجوميًا. 

الصحافة التقطت المشهد سريعًا، وبدأت تتساءل: هل يضع ألونسو قيودًا فنية وانضباطية على اللاعب؟ أم أن المدرب يحاول ببساطة فصل شخصية فينيسيوس عن أداء ريال مدريد حتى لا يصبح الفريق رهينة مزاج نجم واحد؟

في تلك الفترة، حاول ألونسو تفسير اختياراته بهدوء. 

قال في تعليق آخر: "كنت لاعبًا، وأتفهم غضب من يُستبدل. هذا أمر إنساني. لكن علينا احترام المجموعة والعمل وفق ما يحتاجه الفريق في كل لحظة".

الرسالة بدت واضحة: المدرب لا يعترض على انفعال اللاعب، لكنه لن يغير مبادئه بسببه. أما فينيسيوس، فبقي صامتًا إلى حد كبير تجاه القرارات، لكنه لم يخف امتعاضه في بعض اللحظات داخل الملعب، خصوصًا عندما تأتي الإشارة إلى خروجه في توقيت يشعر فيه أنه ما زال قادرًا على الحسم.

وخاض فينيسيوس جونيور هذا الموسم 13 مباراة بين الليجا ودوري الأبطال بمجموع 880 دقيقة. 

وفي الليجا خلال 10 مباريات بدأ 8 كأساسي وشارك 2 كبديل، ولم يلعب 90 دقيقة كاملة سوى 3 مباريات كانت ضد ليفانتي، أتلتيكو مدريد، وفياريال. 

أما دوري الأبطال فخلال 3 مباريات شارك كأساسي في مباراتين فقط، ومباراة كبديل ولم يلعب 90 دقيقة كاملة.

بركان الغضب 

تفجّرت أزمة جديدة داخل ريال مدريد خلال الكلاسيكو، بعدما أبدى النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور غضبه العلني من مدربه تشابي ألونسو، عقب استبداله في الدقيقة 70 من المباراة، إذ لم يُخفِ جناح الفريق استياءه واحتج على القرار بالإيماءات والكلمات، قبل أن يغادر أرض الملعب متجهاً مباشرة إلى غرف الملابس دون الجلوس على مقاعد البدلاء التي عاد لها بعد دقائق.

حين رأى فينيسيوس رقمه على لوحة الحكم الرابع بدت عليه علامات الصدمة وعدم التصديق، وأطلق عبارات احتجاج واضحة وهو يغادر الملعب غاضباً، دون أن يتبادل التحية مع مدربه.

واختار ألونسو تجاهل الموقف تماماً، مركزاً نظره على الملعب، بينما تدخل عدد من زملاء فينيسيوس لتهدئته. اللاعب البرازيلي لم يجلس على الدكة في البداية، وغادر مباشرة إلى غرف الملابس، قبل أن يعود لاحقاً بعد دقائق قليلة بوجه متجهم وملامح غاضبة. 

وأثناء خروجه، لم يتمالك فينيسيوس أعصابه وصرخ غاضبا مرددا عبارة نابية بها إهانة مباشرة لألونسو وتحمل دلالات قوية على الغضب والإحباط.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يُظهر فيها فينيسيوس استياءه من قرارات مدربه.

وفي لقطات إضافية بثّتها قناة "DAZN"، ظهر فينيسيوس وهو يصرخ قائلاً: "دائماً أنا! سأرحل عن الفريق، من الأفضل أن أرحل"، بينما التُقطت مشاهد لألونسو يرد عليه بوجه جاد قائلاً: "هيا يا فيني، اللعنة!" في إشارة واضحة لغضبه من تصرف اللاعب.

هدوء ألونسو 

تحدث تشابي ألونسو المدير الفني لريال مدريد، بثقة وهدوء أمام وسائل الإعلام، بعد تحقيقه أول انتصار له كمدرب في الكلاسيكو بنتيجة (2-1)، محللًا أسباب الفوز ومؤكدًا أهمية الانتصار من الناحيتين الذهنية والمستقبلية.

وقال ألونسو في بداية حديثه: "أنا سعيد جدًا من أجل اللاعبين، كانوا بحاجة لمعرفة أن لديهم المقدرة على الفوز في مباراة من هذا النوع، كان انتصارًا مستحقًا، بل وأقل من مجريات اللقاء، وهذا مهم للمستقبل".

وعن شعوره الشخصي بعد الفوز، شدد مدرب ريال مدريد على أنه لا يرى الأمر كتحرر من ضغط أو عبء معين: "لم يتحرر شيء بالنسبة لي، لا يزال أمامنا الكثير، يجب أن نتحلى بالهدوء".

لم يخل المؤتمر من الأسئلة المثارة حول غضب فينيسيوس جونيور بعد استبداله، إلا أن ألونسو تعامل مع الأمر بهدوء: "خرجت من المباراة بالكثير من الإيجابيات، ومن بينها أداء فيني، سنتحدث عن الأمر بالتأكيد، لكن لا أريد فقدان التركيز عن النقاط المهمة، هناك لاعبين يملكون شخصيات مختلفة، وسنوضح الأمور داخل المجموعة".

ورغم تكرار الأسئلة حول النجم البرازيلي، فضل ألونسو عدم التوسع في الجدل، مؤكدًا أن التوتر جزء طبيعي من مباريات الكلاسيكو: "هذا طبيعي، في كل كلاسيكو يحدث الكثير وسيستمر ذلك، فالتوتر دائمًا موجود، طالما أن الأمور تبقى في إطار المنافسة الصحية فلا يوجد ما يدعو للقلق".

مبابي يسحب البساط

نجح الفرنسي في فرض نفسه كـ"النجم الأول" في الثلث الأخير، سواء على مستوى الحسم أو المساهمة التهديفية.

مبابي هذا الموسم وحتى الآن، خلال 13 مباراة بين الليجا ودوري الأبطال سجل 16 هدفا وصنع هدفين.

وهو ما انعكس مباشرة على طريقة تعامل الخصوم مع ريال مدريد، حيث باتت الكثافة الدفاعية تُوجه نحوه أولًا، لا نحو فينيسيوس كما كان يحدث في المواسم السابقة. 

تحركات مبابي بين العمق ونصف المساحة ساهمت في زيادة فعالية الهجوم المدريدي، وأعطت الفريق حلولًا لم تكن متاحة دائمًا مع فينيسيوس الذي يعتمد بصورة أكبر على المواجهات الفردية.

هذا التحول جعل فينيسيوس يبدو أقل مركزية مما كان عليه، ليس بسبب تراجع في مستواه بقدر ما هو نتيجة لتغير “المعادلة الهجومية” داخل الفريق، إذ حصل مبابي على المساحة الأكبر في اتخاذ القرار داخل المناطق المؤثرة، بينما تراجع دور فينيسيوس تدريجيًا من "قائد المشهد" إلى "شريك في المشهد". 

ويبقى السؤال.. هل تكن أزمة الكلاسيكو مجرد سحابة عابرة، ويركز فينيسيوس على مسيرته مع ريال مدريد، أم تكن بداية النهاية للنجم البرازيلي داخل قلعة "سانتياجو برنابيو"؟