1581 شهيداً.. طواقم غزة الطبية هدف "إبادة صحية" تمارسها إسرائيل

المدنية أونلاين/وكالات:

حولت إسرائيل على مدار 22 شهرا من حرب الإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة، العاملين في المجال الطبي إلى أهداف مباشرة، ما عمق من الأزمة الإنسانية في القطاع وفاقم من حالة الانهيار التي تضرب النظام الصحي.

ويأتي قتل وإصابة الطواقم الطبية في وقت تكثف فيه إسرائيل من استهدافها "المُمنهج" للمستشفيات والمراكز الطبية والصحية في سياسة يقول مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش إنها تهدف إلى "تفكيك النظام الصحي وتحويل المرض والموت إلى واقع يومي".

وأدرج البرش، في منشور على منصة "تلغرام" السبت، قتل واعتقال الأطباء والممرضين ضمن "الإبادة الصحية المباشرة" التي يتعرض لها القطاع الصحي بغزة.

وتسبب هذا الاستهداف المباشر بنقص في توفر الكوادر الطبية في قطاع غزة، وفق ما أكدته مرارا وزارة الصحة بغزة وتقارير حقوقية، ما أعاق من تقديم الخدمات للمرضى والجرحى لا سيما الرعاية الطبية التخصصية.

ويتزامن ذلك مع نقص كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية ما أعاق الاستجابة الصحية السريعة للحالات المرضية وتسبب بوفاة أعداد منهم.

استهداف الكوادر الطبية

تعرضت الكوادر الطبية في قطاع غزة على مدار 22 شهرا من الإبادة إلى استهداف مباشر بالقتل أو الاعتقال أو الإصابة، ما يمثل "جريمة حرب مكتملة الأركان وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني"، وفق مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة.

وقال الثوابتة، في حوار مع الأناضول، إن عدد "شهداء الطواقم الطبية" بغزة منذ 7 أكتوبر 2023 بلغ نحو ألف و581.

ومن بين إجمالي الضحايا، أفاد الثوابتة بتسجيل 157 طبيبا و366 ممرضا و103 صيادلة و254 مساعدا طبيا و611 من الإداريين والخدمات الصحية.

وأوضح أن العدد المتبقي هو للعاملين في المرافق الصحية وبوظائف أخرى.

وفيما يتعلق بأعداد المعتلقين، قال الثوابتة إن 362 فردا من الطواقم الطبية تعرضوا للاعتقال الإسرائيلي منذ بدء الإبادة، من بينهم 88 طبيبا.

كما سجل المكتب الإعلامي الحكومي من إجمالي المعتقلين، وجود 132 ممرضا و72 مساعدا طبيا و47 من الموظفين الإداريين في القطاع الصحي، بينما يتبع باقي المتعلقين إلى المجال الصيدلي والتخصصات الصحية الأخرى، وفق الثوابتة.

وأشار الثوابتة إلى أن استهداف الكوادر الطبية "يحرم المدنيين من حقهم في العلاج والرعاية الصحية المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف ويعمق من الكارثة الإنسانية".

أبرز الأطباء القتلى

-عدنان البرش: استشاري ورئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء بغزة، قُتل داخل السجون الإسرائيلية بعد أشهر من اعتقاله خلال مزاولة عمله في مستشفى "العودة" الأهلي بمحافظة شمال القطاع.

واعتقل البرش في ديسمبر/ كانون الأول 2023 فيما أعلن نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي) عن وفاته داخل سجون إسرائيل في مايو/ أيار 2024.

-محمد نمر قزعاط: استشاري جراحة أطفال وجراحة عامة، قُتل برفقه نجله يوسف طبيب الأسنان في غارة إسرائيلية على مدينة دير البلح وسط القطاع في 12 مايو/ أيار 2024.

وتلقى قزعاط تعليمه الجامعي والدراسات العليا في مصر وبريطانيا ويعتبر من مؤسسي قسم جراحة الأطفال في مجمع الشفاء الطبي حيث تقلد عدة مناصب منها رئيس قسم جراحة الأطفال في الشفاء.

-إياد الرنتيسي: طبيب أمراض نسائية، قُتل تحت التعذيب في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بعد أسبوع من اعتقاله أثناء اقتحام مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة.

شغل الرنتيسي سابقا منصب رئيس قسم الولادة بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمالي القطاع.

-عمر فروانة: طبيب أمراض نسائية، قتل برفقة زوجته وأبنائه وأحفاده في غارة إسرائيلية على منزله في حي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2024.

وعمل فروانة أستاذا مساعدا في كلية الطب البشري التابعة للجامعة الإسلاميّة، وشغل لاحقا منصب عميد الكلية.

-رأفت لبد: مدير مستشفى الباطنة في مجمع الشفاء، قتل بغارة إسرائيلية في 18 نوفمبر 2024، حيث شغل إدارة مستشفى الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية بغزة، وتولى مسؤولية تدريب الأطباء في المستشفى الإندونيسي.

أبرز الأطباء المعتقلين

-حسام أبو صفية: مدير مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة، اعتقله الجيش الإسرائيلي منذ 27 ديسمبر/ كانون الأول 2024، عقب اقتحام الجيش الإسرائيلي للمستشفى، وإخراجه منها تحت تهديد السلاح، بعد تدميره لأجزاء واسعة منه وإخراجه عن الخدمة.

وقبل ذلك، في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام ذاته، تعرض أبو صفية، لإصابة نتيجة قصف إسرائيلي استهدف المستشفى، لكنه رفض مغادرة مكانه وواصل علاج المرضى والجرحى، فيما فقد نجله في اقتحام الجيش الإسرائيلي للمستشفى في 26 أكتوبر 2024.

وكانت السلطات الإسرائيلية قد حولت في فبراير/ شباط الماضي أبو صفية إلى الاعتقال تحت صفة "المقاتل غير الشرعي"، فيما تم الكشف عن تعرضه لتعذيب وتنكيل وإهمال طبي.

وقالت وزارة الصحة بغزة في يوليو/ تموز الماضي إن أبو صفية يعاني من وضع صحي صعب جراء الانتهاكات "الوحشية" التي يتعرض لها داخل المعتقلات الإسرائيلية، وسط حرمانه من العلاج.

-مروان الهمص: مدير مستشفى أبو يوسف النجار والمكلف بإدارة المستشفيات الميدانية في قطاع غزة، اختطفته وحدة إسرائيلية "خاصة" في 21 يوليو الماضي، خلال قيامه بمهمة طبية في مدينة رفح جنوبي القطاع.

وأفادت وزارة الصحة بأن الهمص، وهو المتحدث باسمها، أصيب في قدمه أثناء الاعتقال وسط غياب أي أنباء عن مكان اعتقاله أو حالة الصحية.

استهداف البنى التحتية

إلى جانب الاستهداف المباشر، يواجه العاملون في القطاع الصحي تحديات كبيرة من نقص الأدوية والمستلزمات الطبية والأجهزة، ما يحول دون تقديم تشخيص واضح للمرضى، ووصولا إلى تدمير المراكز والمستشفيات الصحية وإخراجها عن الخدمة.

ووفق معطيات نشرها منير البرش في 12 أغسطس/ آب الجاري، فإن 15 مستشفى فقط يعمل في القطاع من أصل 38 مستشفى بينها 4 مستشفيات مركزية، جراء الاستهدافات الإسرائيلية.

فيما قال المكتب الإعلامي الحكومي في آخر إحصائياته نهاية مايو/ أيار الماضي، إن المستشفيات الـ38 المتواجدة في القطاع تعرضت إما للقصف أو التدمير أو الإخراج عن الخدمة على مدار أشهر الإبادة الـ22.

كما تعرض نحو 82 مركزا طبيا و164 مؤسسة صحية في القطاع للقصف أو التدمير أو الإخراج عن الخدمة.

وفي السياق، أفاد التقرير الحكومي بأن إسرائيل استهدفت منذ 7 أكتوبر 2023 نحو 144 سيارة إسعاف في مناطق مختلفة من القطاع، فيما استهدفت 54 مركبة تتبع للدفاع المدني من بينها سيارات إنقاذ (لم يحدد عددها).

وجراء هذا الاستهداف المتعمد للبنى التحتية التابعة للقطاع الصحي، فإن نسبة إشغال المستشفيات القليلة العاملة وصلت إلى 300 بالمئة، وفق ما أكدته وزارة الصحة بغزة، أمس الأربعاء.

الواقع الصحي

الكارثة التي يمر بها القطاع الصحي في غزة والذي كان "هشا" قبل اندلاع الإبادة، تلقي بظلالها القاسية على المرضى والجرحى، إذ حذرت وزارة الصحة لأكثر من مرة بأن المرضى يموتون بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية.

وأفاد البرش بأن 18 ألف جريح بحاجة إلى إعادة تأهيل، فيما تم تسجيل 4 آلاف و800 حالة بتر بين إجمالي الإصابات بينهم 718 طفل.

فيما ذكر المكتب الإعلامي الحكومي بأن 22 ألف مريض بغزة بحاجة للعلاج في الخارج وتمنعهم إسرائيل من السفر.

كما يواجه 12 ألفا و500 مريض مصاب بالسرطان خطر الموت جراء فقدان علاجهم، و350 ألفا من المصابين بأمراض مزمنة يعانون بسبب منع إدخال الأدوية، وفق المكتب الحكومي.

ويزداد الضغط على النظام الصحي في ظل انتشار الأمراض التي فرضها النزوح، حيث سجلت حكومة غزة إصابة مليونين و136 ألف شخص بأمراض معدية (لم تحددها) و71 ألفا و338 بالكبد الوبائي.

كما فرضت سياسة التجويع الإسرائيلية ضغوطا متزايدة على النظام الصحي في ظل الازدياد الكبير في الإصابة بسوء التغذية.

وقالت حكومة غزة الأسبوع الماضي إن 1.2 مليون طفل يعانون من حالة "انعدام أمن غذائي حاد" في ظل نقل الأغذية والمكملات الغذائية.

وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 62 ألفا و64 قتيلا، و156 ألفا و573 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 266 شخصا، بينهم 112 طفلا.

المصدر: الأناضول