بعد مقتل قيادات.. ما تأثير الغارات الأمريكية على قدرات الحوثيين الهجومية؟

المدنية أونلاين/عبداللاه سُميح/إرم:

في الوقت الذي تتواتر فيه الأنباء عن عشرات القتلى من القيادات العسكرية الرفيعة في ميليشيا الحوثي، خلال الغارات الأمريكية المتواصلة في اليمن، تتفاوت رؤى المسؤولين والخبراء اليمنيين، حول مدى تأثير هذه الخسائر، على قدرات الحوثيين الهجومية الاستراتيجية.

وأكدت الولايات المتحدة مرارا، مقتل عدد من قيادات الحوثيين الكبرى، في ضرباتها الجوية، بينهم قائد القوة الصاروخية، وخبراء في أنظمة الطائرات المسيرة الانتحارية.

وكشف المتحدث الرسمي للقوات اليمنية المشتركة في الساحل الغربي، العقيد وضاح الدبيش، أمس الخميس، عن مقتل قيادات عسكرية كبرى في صفوف الحوثيين، أبرزهم منتحلو صفة "رئيس هيئة الأركان العامة، اللواء محمد عبدالكريم الغماري" و"قائد المنطقة العسكرية المركزية، عبدالخالق الحوثي"، شقيق زعيم الميليشيا، بالإضافة إلى "قائد البحرية الحوثية، منصور السعادي"، في الغارات الأمريكية على صنعاء والحديدة.

وفيما يكتفي الحوثيون بإعلان تشييع العشرات من أفرادهم العسكريين من منتحلي "رتب الضباط"، بشكل شبه يومي، تشير منصّة "ديفانس لاين"، المتخصصة في الشؤون العسكرية والأمنية اليمنية، إلى استمرار الغموض حول مصير عدد من القيادات التي كانت متواجدة في بعض المقرّات المستهدفة.

وذكرت أن من بين المستهدفين، قيادات مسؤولة عن منظومة الحوثيين الصاروخية، أبرزهم: القيادي عبدالحفيظ الهلالي، وقيادي آخر يدعى "أبو عقيل"، المسؤول عن المهام اللوجستية في المنظومة، إلى جانب القيادي منصور السعادي، الملقّب بـ"أبي سجّاد"، الذي عينته الميليشيا في منصب رئيس أركان القوات البحرية، بحسب المنصّة.

تراجع متوقع

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، أسامة الشرمي، أن وصول القوات الأمريكية إلى قائد أو أركان القوة الصاروخية لدى الحوثيين، "دليل على امتلاكها قاعدة بيانات، وبنك معلومات مهمة حول هذا القطاع بالتحديد".

وقال الشرمي في حديثه مع "إرم نيوز"، إن استهداف واشنطن للقدرات الاستراتيجية لدى الميليشيا، "أمر منطقي، بعد أن ضُربت قيادات قوتها الصاروخية، وبالتالي نتوقع أن تشهد هجمات الحوثيين الصاروخية تراجعا خلال الأيام القادمة، نتيجة هذه الضربات".

وبحسبه، فإن الحوثيين "يعيشون حالة إرباك شديدة، إثر هذه الهجمات التي أصابت مفاصلهم، وهو ما أجبر الكثير من قياداتهم على الغياب عن وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي مؤخرا، وهم الذين كانوا يظهرون في كل شاردة وواردة، للتعليق عليها".

ويعتقد المسؤول اليمني، أن المرحلة الحالية من الضربات هي أولى مراحل عمليات واشنطن العسكرية، "وتهدف إلى شلّ قدرة الحوثيين الصاروخية والباليستية، وبالتأكيد لن تكون نهاية الاستراتيجية الأمريكية، التي ستتمثل في خطوات قادمة للتأثير ربما على قطاعات مرتبطة باقتصاد الميليشيا، منها الاتصالات واستيراد المنتجات البترولية".

ولا يستبعد الشرمي أن تشمل استراتيجية واشنطن، دعم عمليات عسكرية برّية في الداخل اليمني، إذا ما تمكّنت غاراتها من الحدّ من قدرات الحوثيين طويلة المدى، التي تهدد بها دول الجوار والإقليم وخطوط الملاحة الدولية".

مثلث القوة

في المقابل، يرى خبير الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، الدكتور علي الذهب، أن تأثير الضربات الأمريكية، على قدرات الحوثيين الهجومية وتهديداتهم، "لا يزال غير واسع حتى اللحظة؛ إذ إن لدى الحوثيين قدرة متوفرة وسريعة على التعويض".

وأكد الذهب في حديثه مع "إرم نيوز"، على فعالية الهجمات التي قال إن "تأثيرها سيتزايد كلما مضت العمليات الأمريكية بوتيرة أعلى أو على الأقل بوتيرتها الحالية، في غضون الـ30 يوما المقبلة، لأن مسألة تقدير تأثيرها حاليا بعد مضي أقل من أسبوعين على انطلاقها، تبدو غير منطقية".

وتابع: "لكن إذا ما أُخذ هذا الحدث بالإجمال إلى نتائج أخرى أسفرت عنها هذه الهجمات، مثل القضاء على مراكز تجميع وإعداد وإطلاق المقذوفات الصاروخية والطائرات غير المأهولة الانتحارية، وتدمير مناطق الدعم اللوجستي، واستمرار الحصار البحري المفروض والنشاط التجسسي والاستخباري، سيكون حينها التأثير متناسبا مع أهداف وحجم الهجمات الأمريكية إلى حدّ ما".

وأضاف أن التأثير على مصادر تهديد الحوثيين وقدراتهم، سيكون واسعا وكبيرا، إذا ما ارتفع نسق الضربات على نحو أكثر فاعلية وبشكل مستمر، واتسع نطاقها الجغرافي لتطال "مراكز التهديد الحقيقي، أو ما أسمّيه بمثلث القوة العسكرية والأمنية لدى الحوثيين".

وذكر الذهب أن هذا المثلث يتجسد في الحديدة وصعدة وصنعاء، "بوصف هذه المحافظات مصادر إنتاج التهديدات، سواء عبر دخول وسائل التهديد من مقذوفات صاروخية ومكوناتها بحرا إلى البلاد، أو تجميعها وتخزينها وصيانتها، أو حتى إطلاقها".

وقال إن تكثيف الضربات خلال الأيام الأخيرة على محافظتي الجوف وصعدة، يوحي بتيقّن الولايات المتحدة "بجود صيد ثمين في هذه المناطق، سواء على مستوى القوة الحية من قادة ومسؤولين، فضلا عن مراكز التخزين الاستراتيجية في الكهوف والأنفاق والمنشآت تحت سطح الأرض".

ثمار الاختراق

بدوره، يعتقد الباحث السياسي، أيمن نبيل، أن الحوثيين يمكنهم استيعاب الضربات الأمريكية والإسرائيلية إذا لم تكن مطعّمة بمعلومات استخبارية، "وبالتالي هم يتصرفون حاليا بناء على خبرة القصف السابق في عهد بايدن، دون أن يدركوا حجم الفوارق بين الإدارتين الأمريكيتين".

وقال نبيل لـ"إرم نيوز"، إن الولايات المتحدة لم تستثمر في اختراق الحركة الحوثية، بل ولم تضعهم في قائمة أعدائها رسميا إلا في العام الماضي، "ونتيجة للفقر المعلوماتي كانت الضربات غير مؤثرة ومشهديّة غالبا".

مشيرا إلى أن المعلومات التي تتحدث عن وصول الضربات الأخيرة إلى قائد البحرية الحوثية، منصور السعادي، إن صحّت "فهي تعني أن إدارة ترامب بدأت تجني ثمارا سريعة للاستثمار في اختراق الحوثيين".

وبيّن نبيل، أن الحوثيين يراهنون على بنيتهم كجماعة مغلقة، يصعب على الأمريكيين وغيرهم اختراقها، "وهذا أقرب للإيهام الذاتي منه إلى التقييم الموضوعي؛ إذ لا يعود ذلك لإجراءاتهم الاستثنائية، بل لأن أحدا من القوى العظمى لم يعزم من قبل على استهدافهم بجدّية، وصرَف موارد من أجل اختراقهم".