غوتيريش يطالب زعماء العالم بخطة إنقاذ و500 مليار دولار سنوياً للتنمية

المدنية أونلاين/متابعات:

ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاثنين، زعماء العالم الذين تقاطروا إلى نيويورك للمشاركة في المناقشات العامة للدورة السنوية الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، اعتماد «خطة إنقاذ عالمية» لأهداف التنمية المستدامة، وتأمين تمويل بـ500 مليار دولار سنوياً لجهود انتشال الناس الذين سحقتهم نوائب الفقر والجوع والدمار، داعياً إلى وقف الحرب على الطبيعة، في ظل تغيّرات مناخية حادة تستوجب إجراءات سريعة، أبرزها ما سماه «لحظة بريتون وودز جديدة» لوضع حلول عملية، بحلول قمة المستقبل في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وأطلق كبير الموظفين الدوليين نداءاته هذه عشية بدء مداولات الزعماء صباح الثلاثاء، ضمن الجمعية العامة التي تعد أكبر حشد على الإطلاق للدبلوماسية المتعددة الأطراف، في ظلّ تحديات كبرى عجزت المنظمة الدولية عن حلّها، وعن تسوية الخلافات المستحكمة بين لاعبيها الرئيسيين، حتى على أخطر التهديدات، وأبرزها تغيّر المناخ، والانتشار النووي، وتعمق الهوة بين الأغنياء والفقراء، وتفشي المجاعة وانعدام الأمن الغذائي عند مئات الملايين من البشر، فضلاً عن إخفاقها في تسوية النزاعات بالطرق السلمية.

قصور ينذر بالخطر

وكان غوتيريش يتحدث في افتتاح المنتدى السياسي الرفيع المستوى حول التنمية المستدامة، بمشاركة عدد كبير من زعماء العالم، فذكَّر بالاجتماع الذي عقد قبل 8 سنوات لاعتماد الأهداف الـ17 للتنمية، معتبراً أنه في منتصف الطريق حتى موعد تحقيق تلك الأهداف عام 2030 «سُحق الناس تحت عجلات الفقر الطاحنة» بينما «يتضور آخرون جوعاً». وحذر من أن «مجتمعات بأسرها على عتبة الدمار حرفياً بسبب تغير المناخ».

وقال إنه بعد الوعود الكثيرة التي أطلقت، فإن «15 في المائة فقط من الأهداف تسير على المسار الصحيح اليوم»، عازياً ذلك إلى أن «كثيرين يسيرون في الاتجاه المعاكس».

وقال: «تحتاج أهداف التنمية المستدامة إلى خطة إنقاذ عالمية»، مشدداً على أن ذلك يعتمد على التمويل «لتحفيز أهداف التنمية المستدامة بما لا يقل عن 500 مليار دولار سنوياً، فضلاً عن آلية فعالة لتخفيف عبء الديون تدعم تعليق المدفوعات، وشروط إقراض أطول، وأسعار فائدة أقل».

ودعا إلى «لحظة بريتون وودز جديدة، وإلى وضع حلول عملية بحلول قمة المستقبل في سبتمبر المقبل»، مضيفاً أن ذلك يستوجب عدة عوامل، أولها أنه «يجب علينا أن نتخذ إجراءات في شأن الجوع»، بالإضافة إلى عقد اتفاقات جديدة للطاقة؛ لأن «التحول إلى الطاقة المتجددة لا يحدث بالسرعة الكافية».

ونبه ثالثاً إلى أنه «لا يتم نشر فوائد وفرص التحول الرقمي على نطاق واسع بما فيه الكفاية». وطالب كذلك ببناء «مجتمعات تعلّم» ترتكز على «التعليم الجيد وسد الفجوة الرقمية».

الدول الرائدة

وإذ أشار إلى مجموعة ناشئة من «الدول الرائدة» تقود الطريق في تعزيز الاستثمار، وتحويل أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم، حض خامساً على توفير «العمل اللائق والحماية الاجتماعية» للناس، مشدداً على أهمية «وقف الحرب على الطبيعة».

وعلى الرغم من طغيان الحرب في أوكرانيا، لقيت مناشدات غوتيريش وقعاً مؤثراً دفع إلى تحركات فورية من البلدان المانحة، سعياً إلى تلافي الأسوأ. ويتوقع أن يواصل الزعماء عرضهم للأزمات العالمية، وتقييم التقدم في تحقيق الأهداف الـ17 الطموحة للتنمية المستدامة، أملاً في تحسين التقدم الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية والرعاية البيئية بشكل كبير.

صورة قاتمة

وإذ يقر كثيرون بأن سلسلة من الصدمات التي تمثلت أحدثها بجائحة «كوفيد- 19» والتداعيات الاقتصادية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا وكوارث المناخ والطبيعة: «تآمرت» لقلب التنمية في اتجاه معاكس، دفع هذا غوتيريش إلى رسم هذه الصورة القاتمة حيال تحقيق هذه الأهداف بحلول عام 2030، موضحاً أن العالم يتجه إلى تحقيق ما نسبته 15 في المائة فقط من 140 هدفاً للتنمية المستدامة التي تتوفر عنها بيانات، بينما يظل ثابتاً أو يتراجع بنسبة 37 في المائة أخرى.

وقالت منسقة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أسترا بونيني: «يرجع هذا جزئياً إلى استمرار جائحة (كوفيد- 19)، وهو أعلى مستوى من النزاع المسلح على مستوى العالم منذ عام 1945، والكوارث المرتبطة بالمناخ، فضلاً عن التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة».

ناقوس الخطر

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه للمرة الأولى منذ جيل، ارتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع، وكذلك عدد الذين يواجهون الجوع وانعدام الأمن الغذائي. وفي كثير من الدول النامية، تباطأت وتيرة التقدم في مجالات الصحة والتعليم والمساواة بين الجنسين، والحصول على المياه والصرف الصحي والطاقة الموثوقة، أو توقفت في بعض الحالات. وبفضل النزاعات العنيفة والكوارث الطبيعية، صار عدد اللاجئين والنازحين داخلياً الآن هو الأعلى على الإطلاق. وفي الوقت نفسه، تقف البشرية على شفا كارثة مناخية، بعد فشلها في الوفاء بتعهداتها في اتفاق باريس، أو إنهاء ما سماه غوتيريش «حربنا على الطبيعة»، معلناً أنه «حان الوقت لدق ناقوس الخطر».

وعلى الرغم من أن بعض أهداف التنمية المستدامة -مثل القضاء على الفقر المدقع في كل مكان بحلول عام 2030- كانت دائماً بعيدة المنال، فإن بعضها الآخر كان في المتناول، إلى أن أدت الضربات المتعاقبة في السنوات القليلة الماضية إلى ترنح عدد من البلدان تحت جبال من الديون. ولم تنفع الجهود التي بذلها كبار المسؤولين في المؤسسات المتعددة الأطراف والحكومات المانحة إلى الحد من هذا الأمر.

تكتلات أخرى

لكن غوتيريش لاحظ أن الدورة الجديدة تنعقد هذا العام، بعد اجتماع القمة لرابطة دول جنوب شرقي آسيا «آسيان» في إندونيسيا، واجتماع زعماء مجموعة «العشرين» للدول الغنية في الهند، واجتماعات مجموعة «الـ77 زائد الصين» في كوبا، وقال: «سنجتمع في وقت تواجه فيه الإنسانية تحديات هائلة، من حالة الطوارئ المناخية المتفاقمة إلى تصاعد النزاعات، وأزمة تكلفة المعيشة العالمية، وازدياد عدم المساواة، والاضطرابات التكنولوجية الهائلة». لكنه أكد أيضاً أن إعادة أهداف التنمية المستدامة إلى المسار الصحيح يبقى هدفه الرئيسي خلال الأسبوع الجاري. وأضاف: «آمل بشدة في أن تمثل قمة أهداف التنمية المستدامة بالفعل نقلة نوعية في الاستجابة للإخفاقات الدراماتيكية التي شهدناها حتى الآن، في ما يتعلق بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة».

وكان متوقعاً أن يتبنى الزعماء إعلاناً سياسياً يلتزمون فيه «اتخاذ إجراءات جريئة وطموحة ومعجَّلة وعادلة وتحويلية» لتحقيق الأهداف بحلول نهاية هذا العقد.

الصحة أولاً

وعلى الصعيد الصحي، سيناقش الزعماء، الأربعاء، الدروس المستفادة من «كوفيد- 19» خلال اجتماع هدفه الوقاية من الوباء والتأهب والاستجابة له، بالإضافة إلى التركيز على عناصر، مثل برامج التطعيم، ودعم أنظمة الرعاية الصحية، وسينظر الاجتماع في التفاوتات الصحية وعدم المساواة بين البلدان التي تحتاج إلى الاهتمام.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عن الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للوباء، إنه «إذا لم يعلمنا (كوفيد- 19) أي شيء آخر، فقد علمنا أنه عندما تكون الصحة في خطر، يكون كل شيء في خطر».