رئيس الوزراء البريطاني متمسك بموقعه رغم الاستقالات المتتالية

المدنية أونلاين/متابعات:

توالت الاستقالات من الحكومة البريطانية برئاسة بوريس جونسون، اليوم الأربعاء؛ إذ أعلن أعضاء آخرون في الحكومة استقالتهم غداة قرار مماثل اتخذه وزيرا الصحة والخزانة، مما يزيد الضغوط على رئيس الوزراء الضالع في سلسلة من الفضائح، فيما توقع العديد من المراقبين؛ خصوصاً منهم وزير الخارجية المخضرم مالكوم ريفكند، أن أيام جونسون أصبحت معدودة وأن حكومته على حافة الهاوية.

وأفاد كريس ماسون المحرر السياسي في هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) بأن رئيس الوزراء البريطاني جونسون أقال الوزير البارز مايكل غوف وزير الدولة لشؤون الإسكان والمجتمعات.

وقال زعيم حزب العمال، كير ستارمر، إنه «من الواضح أن هذه الحكومة تنهار الآن». وأضاف في بيان: «حزب المحافظين فاسد، وتغيير رجل واحد لن يصلح الأمور.... التغيير الحقيقي في الحكومة وحده كفيل بأن يمنح بريطانيا البداية الجديدة التي تحتاجها».

ويثير الوضع استياء البريطانيين الذين يواجهون أعلى نسبة تضخم منذ 40 عاماً مع 9.1 في المائة خلال مايو (أيار) الماضي بمعدل سنوي. وبعد إضراب غير مسبوق لعمال السكك الحديدية في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، دعت النقابات إلى تحركات احتجاجية خلال الصيف، فيما أعلنت مهن عدة من محامين وعاملين في قطاع الرعاية الصحية ومدرسين تحركات أو أنهم أقدموا على ذلك. وجاء في نتائج استطلاع للرأي أجراه «معهد يوغوف»، ونشرت مساء الثلاثاء، أن 69 في المائة من الناخبين البريطانيين يرون أن على جونسون الاستقالة. ويرى 54 في المائة من الناخبين المحافظين أن على رئيس الوزراء مغادرة منصبه.

وكالمعتاد، مثل كل يوم أربعاء، خاض جونسون مواجهة ساخنة مع النواب البريطانيين من المعارضة ومن حزب المحافظين الحاكم، الذي يتمتع بأكثرية برلمانية.

وكان قد أعلن وزيرا الصحة والخزانة ساجد جاويد وريشي سوناك مساء الثلاثاء استقالتيهما. وفي رسالة استقالته التي نشرت على «تويتر» قال جاويد: «من الواضح بالنسبة إليّ أن الوضع لن يتغير تحت قيادتكم، ومن ثم فقدت الثقة بكم»، في إشارة إلى جونسون. أما سوناك فكتب في خطاب استقالته: «يتوقع الجمهور عن حق أن تقاد الحكومة على نحو صحيح وذي كفاية وجدي.... أدرك أن هذا قد يكون آخر منصب وزاري أتولاه، لكنني أعتقد أن هذه المعايير تستحق النضال من أجلها، ولهذا السبب أستقيل». وما هي إلا ساعات حتى أعلن «10 داونينغ ستريت» أن جونسون عين وزير التعليم نديم زهاوي المتحدر من أصول عراقية كردية وزيراً للخزانة خلفاً لسوناك.

وأتت الاستقالتان الصادمتان بعدما قدم رئيس الوزراء اعتذارات جديدة من فضيحة إضافية مقراً بارتكابه «خطأً» بتعيينه في فبراير (شباط) الماضي في حكومته كريس بينشر في منصب مساعد المسؤول عن الانضباط البرلماني للنواب المحافظين. وقد استقال هذا الأخير الأسبوع الماضي بعدما اتهم بالتحرش برجلين. والثلاثاء أقرت رئاسة الحكومة بأن رئيس الوزراء أُبلغ في 2019 باتهامات سابقة حيال بينشر لكنه «نسيها» عندما عينه. وكانت تؤكد عكس ذلك من قبل.

أتت استقالة ريشي سوناك (42 عاماً) في خضم أزمة غلاء معيشة في المملكة المتحدة. أما جاويد؛ البالغ 52 عاماً، والذي تولى وزارة المال قبل سوناك، فرأى أن من حق البريطانيين أن يتوقعوا «النزاهة من حكومتنا». وتابع يقول إن التصويت على الثقة في حق جونسون في يونيو الماضي كان ينبغي أن يشكل فرصة لإبداء «تواضع» وإظهار «توجه جديد». لكنه أضاف: «يؤسفني القول إنه من الواضح بالنسبة إليّ أن الوضع لن يتغير تحت قيادتكم، ومن ثم فقدت الثقة بكم» في إشارة إلى جونسون.

وسارع بوريس جونسون إلى استبدال الوزيرين المستقيلين. لكن هل سينجح جونسون في الاستمرار بعد هذه الأزمة الأخيرة فيما رفض حتى الآن التفكير في الاستقالة؟

ويعاني جونسون في الأساس تداعيات فضيحة الحفلات التي أقيمت في مقر الحكومة خلال مرحلة الإغلاق التام إبان الجائحة، وقد أفلت قبل أسابيع من تصويت على سحب الثقة قرره نواب حزبه المحافظ. وتضاف إلى ذلك قضايا أخرى ذات طابع جنسي في البرلمان. فقد أوقف نائب يشتبه في أنه ارتكب عملية اغتصاب وأفرج عنه بكفالة منتصف يونيو، واستقال آخر في أبريل (نيسان) لأنه شاهد فيلماً إباحياً في البرلمان على هاتفه الجوال، وحكم على نائب سابق في مايو بالسجن 18 شهراً بعد إدانته بتهمة الاعتداء جنسياً على مراهق في الخامسة عشرة.

وأدى خروج النائبين الأخيرين إلى تنظيم انتخابات تشريعية فرعية تكبد المحافظون في نتيجتها هزيمة مدوية. وأتى ذلك فيما كان الحزب سجل نتائج سيئة جداً خلال انتخابات محلية.