“أطفال اليمن”.. سجل الحوثي الأسود في 2021م

المدنية أونلاين/فؤاد مسعد:

تتواصل جرائم وانتهاكات المليشيا الحوثية الانقلابية تجاه اليمنيين عموماً والأطفال والنساء بصفة خاصة، ولا تزال التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية تكشف الكثير من الأرقام والحقائق عن معاناة الأطفال والنساء المتعددة بسبب العصابات الحوثية.

ولا تقف جرائم المليشيا الانقلابية بحق الأطفال والنساء والمدنيين عامة عند حرمانهم من التعليم والصحة والحصول على العيش الآمن والكريم، ولكنها تتجاوز كل ذلك لتدفع بآلاف الأطفال نحو محارق الموت في جبهات القتال المختلفة، ومؤخراً كشفت تقارير حديثة عن مقتل مئات الأطفال الذين جندتهم المليشيا الحوثية في جبهات القتال في محافظة مأرب.

وقبل أيام كشفت لجنة حقوقية عن جانب من السجل الإجرامي للحوثيين في العام الماضي 2021 وما أسفر عنه من مقتل وجرح المئات من المدنيين بسبب الهجمات المباشرة والعشوائية في مختلف المحافظات اليمنية، وسط مطالب محلية ودولية بفضح جرائم العصابات الحوثية أمام المجتمع الدولي وإعادة تصنيفها كمنظمة إرهابية، لأن ما تفعله منذ سنوات بحق اليمن واليمنيين لا يمكن إدراجه إلا في سجل وكشوفات المنظمات الإرهابية.

سلط تقرير جديد لفريق الخبراء في شأن اليمن التابع للأمم المتحدة، الضوء على انتهاكات ميليشيات الحوثي، بما في ذلك استغلال أنشطة التعليم لدفع الأطفال إلى تبني أفكار محرضة على الكراهية والعنف، وصولاً إلى تجنيدهم في جبهات القتال.

وتطرق التقرير السنوي لعام 2021 الذي سُلّم مؤخراً إلى مجلس الأمن، ونشرت اندبندنت عربية جزءاً منه، إلى الهجوم الصاروخي الذي تعرض له مطار عدن الدولي بالتزامن مع وصول الحكومة اليمنية الجديدة عام 2020، وقال إن الهجوم كان سيسفر عن عدد ضحايا أكبر في أوساط ممثلي الحكومة لولا تأخر هبوط الطائرة.

وتضمن التقرير معلومات حول استغلال الحوثيين للمعسكرات الصيفية والدورات الثقافية للحشد والتشجيع على الانضمام للقتال، إذ رصد فريق الخبراء في بعض المدارس وأحد المساجد التي يستخدمها الحوثيون لنشر عقيدتهم بين الأطفال، وترويج هذه المناشط لخطاب الكراهية والعنف ضد مجموعات معينة، حيث يُؤمر الأطفال بترديد شعار الحوثيين، "الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود".

وذكر الفريق في تقريره المكون من 51 صفحة أنه في "أحد المعسكرات يتم تعليم أطفال لا تتجاوز أعمارهم سبع سنوات كيفية تنظيف الأسلحة والهرب من الصواريخ". وأشار إلى استغلال الحوثيين المساعدات الإنسانية من خلال توفيرها أو منع الأسر من الحصول عليها على أساس مشاركة الأطفال في أنشطة الحوثي، لافتاً إلى مشاركة البعض خوفاً على حياتهم أو منع الحوثيين وصول المساعدة الإنسانية إليهم.

ورصد الفريق الأممي انتهاكات حوثية ضد النساء والأطفال، منها تعرض امرأتين رفضتا المشاركة في هذه الدورات للاعتقال والاغتصاب، وجريمة اعتداء جنسي ارتكبت ضد طفل خضع إلى تدريب عسكري، إضافة إلى عشرات الحالات لأطفال اقتيدوا لجبهات القتال بعد إيهامهم بنقلهم للانخراط في دورات ثقافية.

ووثق التقرير رحلة الأطفال من المعسكرات الصيفية إلى جبهات القتال، مشيراً إلى مقتل 1406 أطفال زجّ بهم الحوثيون في ساحات المعارك عام 2020، و562 طفلاً بين يناير ومايو عام 2021، مشيراً إلى أن أعمار الأطفال تراوحت بين 10 إلى 17 سنة، ومعظمهم قتلوا في محافظات صنعاء وصعدة وعمران وذمار وحجة والحديدة وإب.

هجمات حوثية على المدنيين في مأرب وتعز

واستمر مسلسل استهداف الحكومة اليمنية بعد تعرض ميناء مدينة المخا بمحافظة تعز للهجوم بخمس طائرات مسيرة وصاروخين، في الوقت الذي كانت لجنة حكومية تزور الميناء للإشراف على تحويله للاستخدام المدني بعد سنوات من "احتلاله عسكرياً"، وفق التقرير.

وفي العاشر من نوفمبر الماضي تعرضت بعض القواعد العسكرية في مدينة المخا إلى هجوم صاروخي، في اليوم نفسه الذي كان من المقرر أن يجري فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أول زيارة له إلى الساحل الغربي.

وحقق الفريق الأممي في هجمات شنها الحوثيون على المدنيين في قرى عدة في تعز في يناير 2021، أسفرت بحسب التقارير والشهادات الواردة عن مقتل 13 شخصاً بينهم طفل، وأصيب 47 شخصاً بينهم سبعة أطفال وسبع نساء، وحاصر الحوثيون أواخر العام الماضي مديرية العبدية في مأرب لأسابيع عدة مما أدى إلى نقض في الغذاء والأدوية. 

إعدامات سبتمبر

وتطرق التقرير إلى حكم الإعدام في تسعة أشخاص بينهم قاصر، اتهموا سابقاً بالضلوع في مقتل القيادي في ميليشيات الحوثي صالح الصماد في أبريل عام 2018 بغارة جوية نفذها التحالف العربي.

وذكر بأن المتهمين الـ 10 الذين توفي أحدهم جراء التعذيب اعتقلوا بين سبتمبر وأكتوبر 2019، وجرى احتجازهم في موقع مجهول من دون علم عائلاتهم، إلى أن بدأت محاكماتهم وظهروا على شاشات التلفزيون في 17 أبريل من العام نفسه.

وقال الفريق الأممي إنه تلقى أدلة على تعرض المتهمين للتعذيب وإجبارهم على توقيع اعترافات لاستخدامها كدليل ضدهم، وعلى الرغم من ذكر هذه الأدلة خلال محاكمتهم إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء. وأضاف بأن "المحاكمة بدأت من دون تمكينهم من الاتصال بمحامين، وفي مرات عدة لم يتمكن المتهمون من مقابلة محاميهم".

وكانت صور اقتياد المتهمين إلى ساحة الإعدام بثيابهم الزرقاء في صنعاء هزت اليمن والعالم، وهي تظهر وجود طفل بينهم لا يكاد يستطيع الوقوف بسبب إصابة بليغة تعرض لها في الظهر أثناء التعذيب في السجن، وحدت من قدرته على السير بحسب تصريحات إعلامية لمحاميه.

حينها، اعتبر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني أن "أوامر القتل التي أصدرتها ميليشيات الحوثي بحق المدنيين التسعة جريمة قتل عمد مكتملة الأركان"، محذراً من "إقدام ميليشيات الحوثي على تنفيذ مزيد من أعمال القتل الجماعية ضد المدنيين المناهضين لمشروعها الانقلابي".

وبحسب تقرير اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، المدعومة من الأمم المتحدة، عن أعمالها خلال العام الماضي، فقد تم رصد 2842 واقعة انتهاك تم التحقق منها في مختلف المحافظات، وتضرر فيها 4096 ضحية من الجنسين ومن مختلف الأعمار، منهم 1237 ضحية بين قتيل وجريح جراء استهداف المدنيين من قبل المليشيا الحوثية بينهم 403 قتلى منهم 30 امرأة و48 طفل، وبلغ عدد الجرحى والمصابين 768 جريحاً منهم 85 امرأة و167 طفل.

وأشارت اللجنة في تقريرها إلى تسجيل سقوط 296 ضحية إثر انفجار ألغام وعبوات ناسفة أدت من بين الضحايا 17 امرأة و35 طفل، ورصدت اللجنة 1158 واقعة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري وتعذيب، واستهداف 23 عين أثري، و15 واقعة اعتداء على الطواقم الطبية والمنشآت والمرافق الصحية، وتدمير 580 من المباني العامة والخاصة، و17 مدرسة للأطفال، ورصد 122 واقعة تجنيد أطفال دون سن 15 عاما.

ولفت البيان الى أن الفريق الميداني للجنة وثق تفجير 60 منزلا، وتهجير 106 حالة، والرصد والتحقيق في 69 واقعة قتل خارج نطاق القانون، واستمعت اللجنة خلالها لأكثر من 8526 شاهد ومُبلغ وضحية على أنماط مختلفة من انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في غالبية المحافظات اليمنية.